يشغلنك الملائكة الحافظون، ولا أحد من بني آدم الحاضرون الذين هم بعد وقت قليل ميتون عن مولاك ومولاهم ومالك دنياك وآخرتك ودنياهم وآخرتهم فإن العقل قضى أنه يقبح من العاقل أن يشتغل بمملوك عن مالك، وهو من أخطر المسالك وطريق المهالك وقد ذكرت في كتاب (المهمات والتتمات) كيف يحاسب الملكين في آخر نهارك وآخر ليلك على تفصيل جليل فاعمل على ذلك فإنه من كنوز كرم الله جل جلاله الجزيل.
الفصل الثاني عشر والمائة: ثم تذكر يا ولدي محمد أغناك الله جل جلاله بتذكاره وأنواره وجعل إيثارك متابعا لإيثاره أن الوقت الذي شرفك فيه بالعقل وما هو له أهل، وبعث إليك حفظة ملائكته تحتاج إلى أن تعرف أعداء مولاك وأعدائك الذين يريدون أن يحولوا بينك وبين نعمته وعنايته ويشغلونك عن شرف مراقبته وعن هيبته وعظمته، فمنهم الشيطان الذي أهلك نفسه وحسد الذين يرجى لهم السلامة وقصدهم بالعداوة، وقد جعل الله جل جلاله لك منه حصونا منيعة ودروعا وسيعة فلا تفارقها.
منها: الاخلاص في طاعة رب العالمين، قال الله جل جلاله عن هذا العدو اللعين (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين).
ومنها: الايمان والتوكل على الله جل جلاله فإن مولاك قال (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) فإن لم تهدم أنت في هذين الحصنين ثلمة لهذا العدو الرجيم بالغفلة عن مولاك العظيم والمعصية لسيدك ومتابعة العدو الذميم وإلا فإنه لا يقدر هو ولا أعوانه على هدم ذلك السور