فكفاني الله جل جلاله بفضله وزادني من العنايات وقد شرحت لك بعض تلك الأشياء في كتاب (الاصطفاء) فلو أنني دخلت يا ولدي محمد ذلك اليوم معهم في هذه الفتوة الدنيوية ولعب أهل الدنيا وقواعدهم الردية كنت قد هلكت أبد الابدين وكانوا قد أدخلوني فيما يفرق بيني وبين رب العالمين.
الفصل الثامن والعشرون والمائة: وإياك ثم إياك أن تدخل معهم في شئ من هزلهم ولعبهم وبدعهم المخالفة لجدك سيد المرسلين ولأبيك سيد الوصيين ثم عاد الخليفة ودعاني إلى نقابة جميع الطالبين على يد الوزير القمي وعلى يد غيره من أكابر دولتهم وبقي على مطالبتي بذلك عدة سنين فاعتذرت بأعذار كثيرة فقال الوزير القمي ادخل واعمل فيها برضى الله فقلت له فلأي حال ما تعمل أنت في وزارتك برضاء الله تعالى والدولة أحوج إليك منها إلي فلو كان هذا يمكن كان قد عملته أنت ثم عاد يتهددني وما زال الله جل جلاله يقويني عليهم حتى أيدني وأسعدني وعاد المستنصر كلف مخاطبتي بصديق فتحيل معي بكل طريق فقال إما أن تقول إن الرضى والمرتضى كانا ظالمين أو تعذرهما فتدخل في مثل ما دخلا فيه فقلت أولئك كان زمانهم زمان بني بويه والملوك شيعة وهم مشغولون بالخلفاء والخلفاء بهم مشغولون فتم للرضي والمرتضى ما أرادوا من رضاء الله جل جلاله.
واعلم: أن هذا الجواب اقتضاه التقية وحسن النية بهمتهما الموسوية وإلا فإنني ما أعرف عذرا صحيحا لدخول المذكورين في تلك الأمور الدنيوية فإياك ثم إياك من موافقة أحد الملوك ولا تؤثرن على الله جل جلاله