فهلا كان لمحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله أسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية الله جل جلاله في أمته بطول عمر واحد من ذريته فقد ذكرتم ورويتم في صفته أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت جورا وظلما، ولو فكرتم لعرفتم أن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا أعجب من طول بقائه وأقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الله جل جلاله لأوليائه وقد شهدتم أيضا له أن عيسى بن مريم النبي المعظم عليهما السلام يصلي خلفه مقتديا به في صلاته وتبعا له ومنصورا به في حروبه وغزواته وهذا أيضا أعظم مقاما مما استبعدتموه من طول حياته فوافقوا على ذلك، وفي حكاية الكلام زيادة فاطلب من الطرائف وغيرها.
الفصل الثمانون: واعلم يا ولدي محمد كشف الله جل جلاله لك عن مراده بيد كمال إسعاده وإنجاده وأوفاده، أنني وجدت خلقا من المتعصبين على أبيك علي عليه السلام أو الجاهلين بإنعام الله جل جلاله عليه يعتقدون أن الذين فتحوا بعض بلاد الكفر بعد جدك محمد صلوات عليه وآله قد بلغوا بذلك مبلغا لم يبلغ جدك محمد صلوات الله عليه وآله إليه وينبغي أن تتحقق يا ولدي أن فتح البلاد والتسلط على العباد قد جرى أكثره على يد أهل الفساد وعلى يد من لم يقصد به رضى سلطان العباد وقد روي أن الدنيا ملكها بأسرها كافر يقال له شداد بن عاد وغيره من ذوي العناد وقد كانت البلاد التي فتحها المسلمون قبل فتحها لهم في يد ملوك الكفار والأشرار وما دل على صلاح من كانت في يده من الفجار والذي دلت عليه تواريخ العلماء أن الغالب في دار