إليه المتوسط في الفقه لمعرفته والمنتهى لتذكره إذ كان هذان الفريقان آنسين (1) بما يتعلق بالوفاق، وربما لم يمكنهما ضيق الوقت من تصفح الكتب وتتبع الآثار فيشرفا على ما اختلف من الروايات فيكون الانتفاع بكتاب يشتمل على أكثر ما ورد من أحاديث أصحابنا المختلفة، أكثره موقوفا على هذين الصنفين وإن كان المبتدى لا يخلو أيضا من الانتفاع (2) به، ورأوا ان ما يجري هذا المجرى ينبغي أن يكون العناية به تامة والاشتغال به وافرا لما فيه من عظيم النفع وجميل الذكر إذ لم يسبق إلى هذا المعنى أحد من شيوخ أصحابنا المصنفين في الاخبار والفقه في الحلال والحرام، وسألوني تجريد ذلك وصرف العناية (3) إلى جمعه وتلخيصه وان ابتدئ كل باب بايراد ما اعتمده من الفتوى والأحاديث فيه ثم أعقب بما يخالفها من الاخبار وأبين وجه الجمع بينها على وجه لا أسقط شيئا منها ما أمكن ذلك فيه واجري في ذلك على عادتي في كتابي الكبير المذكور وان أشير في أول الكتاب إلى جملة مما يرجح به الأحاديث بعضها على بعض ولاجله جاز العمل بشئ منها دون جميعها وانا مبين ذلك على غاية من الاختصار إذ شرح ذلك ليس هذا موضعه وهو مذكور في الكتب المصنفة في أصول الفقه المعمولة في هذا الباب، واعلم إن الاخبار على ضربين: متواتر وغير متواتر، فالمتواتر منها ما أوجب العلم فما هذا سبيله يجب العمل به من غير توقع شئ ينضاف إليه ولا أمر يقوى به ولا يرجح به على غيره، وما يجري هذا المجرى لا يقع فيه التعارض ولا التضاد في اخبار النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وما ليس بمتواتر على ضربين فضرب منه يوجب العلم أيضا، وهو كل خبر تقترن إليه قرينة توجب العلم، وما يجري هذا المجرى يجب أيضا العمل به، وهو لاحق بالقسم الأول، والقرائن أشياء كثيرة منها أن تكون مطابقة لأدلة العقل ومقتضاه، ومنها أن تكون مطابقة لظاهر القرآن: إما
(٣)