يفسد الصلاة إلا أن يكون ربع الثوب عند أبي حنيفة، وشبرا في شبر عند أبي يوسف، فيفسدها حينئذ، وزفر منهم يقول: بول ما يؤكل لحمه طاهر كله ورجيعه نجس، وهذا هو الذي أنكروا علينا. وفرقوا بين ما يملا الفم من القلس وبين ما لا يملا الفم منه، وفرقوا بين البول في الجسد، فلا يزيله الا الماء، وبين البول في الثوب فيزيله غير الماء ولو تتبعنا سقطاتهم لقام منها ديوان فان قالوا: من قال بقولكم هذا في الفرق بين البائل والمتغوط في الماء الراكد قبلكم؟ قلنا: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - إذ بين لنا حكم البائل وسكت عن المتغوط والمتنخم والمتمخط، ولكن أخبرونا: من قال من ولد آدم بفروقكم هذه قبلكم؟ من الفرق بين بول الشاة في البئر وبولها في الثوب، وبين بولها في الجسد وبولها في الثوب؟ وبين بول الشاة تشرب ماءا نجسا وبولها إذا شربت ماءا: طاهرا؟ وبين البول في رأس الحشفة وبينه فوق ذلك؟ فهذا هو الذي لم يقله أحد قط قبلهم! وليتهم إذ قالوه مبتدئين قالوه بوجه يفهم أو يعقل، وكذلك سائر فروقهم المذكورة والحمد لله رب العالمين.
ونحن لا ننكر القول بما جاء به القرآن والسنة، وان لم نعرف قائلا مسمى به، وهم ينكرون ذلك ويفعلونه، فاللوائم لهم لازمة لا لنا، وإنما ننكر غاية الانكار القول في دين الله تعالى وعلى الله ما لم يقله تعالى قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا والله هو المنكر حقا ولو قاله أهل الأرض.
وكذلك ان قالوا لنا: من فرق قبلكم بين السمن يقع فيه الفأر وبين غير السمن فجوابنا هو الذي ذكرنا. بعينه، فكيف وقد روينا الفرق بينهما عن ابن عمر، كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا محمد بن عيسى بن رفاعة ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا هشيم عن معمر عن أبان عن راشد مولى قريش (1)