والذي لا يمكن غيره * فقد بطل تعلقهم به، ولم يحل ترك الآية المتيقن وجوب حكمها لظن كاذب، وقال تعالى *: (ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) * وأيضا فان هذا الخبر والذي قبله ليس فيهما أيهما كانا بعد نزول الآية والآية متأخرة النزول، فلو صح انه عليه السلام مس يديها ورجليها في الصلاة لكان موافقا للحال التي كان الناس عليها قبل نزول الآية، وعلى كل حال فنحن على يقين من أن معنى هذا الخبر لو صح لهم كما يريدون فإنه منسوخ بلا شك ولا يحل الرجوع إلى المتيقن انه منسوخ وترك الناسخ * فصح أنهم يوهمون بأخبار لا متعلق لهم بشئ منها، يرومون بها ترك اليقين من القرآن والسنن * وقال أبو حنيفة: لا ينقض الوضوء قبلة ولا ملامسة للذة كانت أو لغير لذة، ولا أن يقبض (1) بيده على فرجها كذلك، إلا أن يباشرها بجسدها دون حائل وينعظ فهذا وحده ينقض الوضوء * وقال مالك: لا وضوء من ملامسة المرأة الرجل، ولا الرجل المرأة، إذا كانت لغير شهوة تحت الثياب أو فوقها، فإن كانت الملامسة للذة فعلى الملتذ منهما الوضوء، سواء كان فوق الثياب أو تحتها، أنعظ أو لم ينعظ، والقبلة كالملامسة في كل ذلك، وهو قول أحمد بن حنبل * وقال الشافعي كقولنا، إلا أنه روى عنه أن مس شعر المرأة خاصة لا ينقض الوضوء * قال أبو محمد: أما قول أبي حنيفة فظاهر التناقض، ولا يمكنه التعلق بالتأويل الذي تأوله قوم في الآية: ان الملامسة المذكورة فيها هو الجماع فقط، لأنه أوجب الوضوء من المباشرة إذا كان معها انعاظ، وأما مناقضته فتفريقه بين القبلة يكون معها إنعاظ فلا ينقض الوضوء، وبين المباشرة يكون معها إنعاظ فتنقض الوضوء، وهذا فرق لم يؤيده قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة، ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس، بل هو مخالف لكل ذلك، ومن مناقضاته أيضا أنه جعل القبلة لشهوة
(٢٤٨)