فان قال قائل أن النوم ليس حدثا وإنما يخاف أن يحدث فيه المرء. قلنا لهم:
هذا لا متعلق لكم بشئ، منه لان الحدث ممكن كونه من المرء في أخف ما يكون من النوم، كما هو ممكن أن يكون منه في النوم الثقيل (1) وممكن أن يكون من الجالس كما هو ممكن أن يكون من المضجع، وقد يكون الحديث من اليقظان وليس الحدث عملا يطول بل هو كلمح البصر، وقد يمكن أن يكون النوم الكثير من المضجع لا حدث فيه، ويكون الحدث في أقل ما يكون من نوم الجالس، فهذا لا فائدة لهم فيه أصلا وأيضا فان خوف الحدث ليس حدثا ولا ينتقض به الوضوء وإنما ينقض الوضوء يقين الحدث.
وبالله تعالى التوفيق * وإذ الامر كما ذكرنا فليس الا أحد أمرين: اما أن يكون خوف كون الحدث حدثا، فقليل النوم وكثيره يوجب نقض الوضوء، لان خوق الحدث جار فيه. وأما أن يكون خوف الحدث ليس حدثا فلنوم قليله وكثيره لا ينقض الوضوء وبطلت أقوال هؤلاء على كل بيقين لا شك فيه * وقد ذكر قوم أحاديث منها ما يصح ومنها مالا يصح يجب أن ننبه عليها بعون الله تعالى * منها حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد حتى يذهب عنه النوم، لان أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يستغفر فيسب نفسه) وفى بعض ألفاظه (لعله يدعو على نفسه وهو لا يدرى) وحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يدرى ما يقرأ) * قال أبو محمد: هذان صحيحان، وهما حجة لنا، لان فيهما أن الناعس لا يدرى ما يقرأ ولا ما يقول، والنهي عن الصلاة على تلك الحال جملة، فإذ الناعس لا يدرى ما يقول فهو في حال ذهاب العقل بلا شك، ولا يختلفون أن من ذهب