لم يحرم إلا بعموم تحريم لحوم السباع فقط، فكان قياس السباع وما ولغت فيه على الكلب الذي هو بعضها والتي يجوز أكل صيدها إذا علمت: أولى من قياس الخنزير على الكلب، وكما لم يجز أن يقاس الخنزير على الكلب في جواز اتخاذه وأكل صيده، فكذلك لا يجوز أن يقاس الخنزير على الكلب في عدد غسل الإناء من ولوغه، فكيف والقياس كله باطل * وقال مالك في بعض أقواله: يتوضأ بذلك الماء وتردد (1) في غسل الإناء سبع مرات، فمرة لم يره ومرة رآه، وقال في قول له آخر: يهرق الماء ويغسل الإناء سبع مرات، فإن كان لبنا لم يهرق ولكن يغسل الإناء سبع مرات ويؤكل ما فيه، ومرة قال: يهرق كل ذلك ويغسل الإناء سبع مرات * قال علي: هذه تفاريق ظاهرة الخطأ. لا النص اتبع في بعضها، ولا القياس اطرد فيها، ولا قول أحد من الصحابة أو التابعين رضي الله عنهم قلد فيها * وروى عنه أنه قال: إني لأراه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيهرق من أجل كلب ولغ فيه * قال علي فيقال لمن احتج بهذا القول: أعظم من ذلك أن تخالف أمر الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بهرقه. وأعظم مما استعظمتموه أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيهرق من أجل عصفور مات فيه بغير أمر من الله بهرقه. فان قالوا: العصفور الميت حرام، قلنا: نعم لم نخالفكم في هذا، ولكن المائع الذي مات فيه حلال، فتحريمكم الحلال من أجل مماسته الحرام هو الباطل، إلا أن يأمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطاع أمره، ولا يتعدى حده، ولا يضاف إليه ما لم يقل * وقال أبو حنيفة: يهرق كل ملولغ فيه الكلب أي شئ كان كثر أم قل، ومن توضأ بذلك الماء أعاد الوضوء والصلوات أبدا، ولا يغسل الإناء منه إلا مرة *
(١١٣)