فان قيل: فإنه قد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في ودك فقال عليه السلام: (اطرحوها وما حولها إن كان جامدا، قيل: وإن كان مائعا؟ قال:
فانتفعوا به ولا تأكلوه (1)) قلنا: هذا لم يروه أحد إلا عبد الجبار بن عمر (2)، وهو لا شئ، ضعفه ابن معين والبخاري وأبو داود والساجي (3) وغيرهم، وأيضا فليس فيه الا الفأر في الودك فقط، وقد قيل: إن الودك في اللغة للسمن والمرق خاصة والدسم للشحم * وقال أبو حنيفة: ان وقعت خمر أو ميتة أو بول أو عذرة أو نجاسة في ماء راكد نجس كله قلت النجاسة أو كثرت، ووجب هرقه كله ولم تجز صلاة من توضأ منه أو اغتسل منه ولم يحل شربه كثر ذلك الماء أو قل، الا أن يكون إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الآخر، فإنه طاهر حينئذ، وجائز التطهر به وشربه. فإنه وقعت كذلك في مائع غير الماء حرم أكله وشربه، وجاز الاستصباح به والانتفاع به وبيعه. فان وقعت النجاسة أو الحرام في بئر، فإن كان ذلك عصفورا فمات أو فأرة فماتت فأخرجا فان البئر قد تنجست وطهورها ان يستقى منها عشرون دلوا والباقي طاهر. فإن كانت دجاجة أو سنورا فأخرجا حين ماتا فطهروها أربعون دلوا والباقي طاهر. فإن كانت شاة فأخرجت حين ماتت أو بعد ما انتفخت أو تفسخت أو لم تخرج الفأرة ولا العصفور ولا الدجاجة أو السنور إلا بعد الانتفاخ أو الانفساخ، فطهور البئر أن تنزح. وحد النزح عند أبي حنيفة وأبى يوسف أن يغلبه الماء، وعند محمد بن الحسن مائتا دلو. فلو وقع في البئر سنور أو فأر أو حنش فأخرج ذلك وهي أحياء، فالماء طاهر يتوضأ به، ويستحب أن ينزح منها عشرون دلوا. فلو وقع فيها كلب أو حمار فأخرجا حيين فلا بد من نزح البئر حتى يغلبهم الماء. فلو بالت شاة في البئر وجب نزحها حتى يغلبهم قل البول أو كثر.