وأما قياسهم ذلك على إزالة النجاسة فباطل لأنه قياس والقياس كله باطل، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل، لوجوه: منها أن يقال لهم: ليس قياسكم الوضوء والغسل على إزالة النجاسة بأولى من قياسكم ذلك على التيمم الذي هو وضوء في بعض الأحوال أيضا، وكما قستم التيمم على الوضوء في بعض الأحوال وهو بلوغ المسح إلى المرفقين، فهلا قستم الوضوء على التيمم في أنه لا يجزئ كل واحد منهما الا بنية لان كليهما طهر للصلاة * فان قالوا: إن الله تعالى قال (فتيمموا صعيدا طيبا) ولم يقل ذلك في الوضوء، قلنا نعم فكان ماذا؟ وكذلك قال تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) فصح انه لا يجزئ ذلك الغسل الا للصلاة بنص الآية * والوجه الثاني أن دعواهم أن غسل النجاسة يجزئ بلا نية باطل ليس كما قالوا، بل كل تطهير لنجاسة امر الله تعالى به على صفة ما فإنه لا يجزئ الا بنية وعلى تلك الصفة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وقد ذكرناه باسناده قبل، وكل نجاسة ليس فيها أمر بصفة ما فإنما على الناس أن يصلوا بغير نجاسة في أجسامهم ولا في ثيابهم ولا في موضع صلاتهم، فإذا صلوا كذلك فقد فعلوا ما أمروا به، فظهر فساد احتجاجهم وعظم تناقضهم في الفرق بين الوضوء والغسل وبين التيمم والصلاة وغير ذلك من الاعمال بلا برهان، واختلافهم في الجنب ينغمس في البئر كما ذكرنا بلا دليل وقال بعضهم: لو احتاج الوضوء إلى نية لاحتاجت النية إلى نية وهكذا أبدا، قلنا لهم: هذا لازم لكم فيما أوجبتم من النية للتيمم وللصلاة وهذا محال، لأن النية المأمور بها هي مأمور بها لنفسها لأنها القصد إلى ما أمر به فقط. وأما الحسن بن حي فإنه ينقض قوله بالآية التي ذكرنا والحديث الذي أوردنا * وقولنا في هذا قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود وغيرهم وبالله تعالى التوفيق * 112 - مسألة - ويجزئ الوضوء قبل الوقت وبعده، وقال بعض الناس لا يجزئ الوضوء ولا التيمم الا بعد دخول وقت الصلاة وقال آخرون: يجزئ الوضوء
(٧٤)