فبعضها عندكم لا ينجس الثوب والبدن والخف والنعل منه الا مقدار أكبر من الدرهم البغلي وربما قل، وبعضها لا ينجس هذه الأشياء الا ما كان ربع الثوب، ولا ندري ما قولكم في الجسد والنعل والخف والأرض، وبعضها تفرقون بين حكمها في نفسها في الثوب والجسد وبين حكمها في نفسها في البئر، فتقولون: ان قطرة خمر أو بول تنجس البئر ولا تنجس الثوب ولا الجسد حتى يكون ذلك أكثر من الدرهم البغلي، فأخبرونا عن غدير إذا حرك طرفه الواحد لم يتحرك الآخر وقعت فيه نقطة بول كلب أو نقطة بول شاة أو حلمة (1) ميتة أو فيل ميت متفسخ، هل كل هذا سواء أم لا؟ فان ساووا بين ذلك كله نقضوا أصلهم في تغليظ بعض النجاسات دون بعض، وتركوا قولهم إن بعرتين من بعر الإبل أو بعرتين من بعر الغنم لا تنجس البئر، وإن فرقوا بين كل ذلك سألناهم تفصيل ذلك، ليكون ذلك زيادة في السخرياء (2) والتخليط * قال علي: وقالوا لنا: ما قولكم في خمر أو دم أو بول وقع ذلك في الماء فلم يظهر لشئ من ذلك في الماء طعم ولا لون ولا ريح، هل صار الخمر والبول والدم ماء أم بقي كل ذلك بحسبه؟ فإن كان صار كل ذلك ماء فكيف هذا. وإن كان بقي كل ذلك بحسبه فقد أبحتم الخمر والبول والدم وهذا عظيم وخلاف للاسلام؟ (قال أبو محمد) جوابنا وبالله تعالى التوفيق: إن العالم كله جوهرة واحدة تختلف ابعاضها بأعراضها وبصفاتها فقط، وبحسب اختلاف صفات كل جزء من العالم تختلف أسماء تلك الأجزاء التي عليها تقع أحكام الله عز وجل في الديانة، وعليها يقع التخاطب والتفاهم من جميع الناس بجميع اللغات، فالعنب عنب وليس زبيبا، والزبيب ليس عنبا، وعصير العنب ليس عنبا ولا خمرا، والخمر ليس عصيرا، والخل ليس خمرا، وأحكام كل ذلك في الديانة تختلف، والعين الحاملة واحدة، وكل ذلك له صفات منها يقوم
(١٦١)