وقال أبو حنيفة في أشهر قوليه: أن نبيذ التمر خاصة إذا لم يسكر فإنه يتوضأ به ويغتسل - فيما كان خارج الأمصار والقرى خاصة - عند عدم الماء، فان أسكر، فإن كان مطبوخا جاز الوضوء به والغسل كذلك، فإن كان نيئا لم يجز استعماله أصلا في ذلك، ولا يجوز الوضوء بشئ من ذلك، لا عند عدم الماء ولا في الأمصار ولا في القرى أصلا - وان عدم الماء -، ولا بشئ من الأنبذة غير نبيذ التمر لا في القرى ولا في غير القرى، ولا عند عدم الماء، والرواية الأخرى عنه أن جميع الأنبذة يتوضأ بها ويغتسل، كما قال في نبيذ التمر سواء سواء * وقال محمد بن الحسن: يتوضأ بنبيذ التمر عند عدم الماء ويتيمم معا * قال أبو محمد: أما قول عكرمة والأوزاعي والحسن بن حي فإنهم احتجوا بحديث رويناه من طريق ابن مسعود من طرق: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن:
معك ماء؟ قال: ليس معي ماء، ولكن معي إداوة فيها نبيذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
تمرة طيبة وماء طهور، فتوضأ ثم صلى الصبح) وفي بعض ألفاظه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بنبيذ، وقال: تمرة طيبة وماء طهور (1)) * وقال بعضهم: ان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ركبوا البحر فلم يجدوا إلا ماء البحر ونبيذا فتوضأوا بالنبيذ، ولم يتوضؤا بماء البحر، وذكروا ما حدثناه محمد بن سعيد بن نبات قال: ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد الله بن ميسرة (2) عن مزيدة بن جابر عن علي بن أبي طالب رضى عنه قال: إذا لم تجد الماء فلتتوضأ بالنبيذ.
قال محمد بن المثنى: وحدثنا أبو معاوية محمد بن خازم الضرير ثنا الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
لا بأس بالوضوء بالنبيذ * قالوا: ولا مخالف لمن ذكرنا يعرف من الصحابة رضي الله عنهم، فهو إجماع على قول بعض مخالفينا *