برهان آخر وهو ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد ابن شعيب (1) ثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة وراح (2) فكأنما قدم (3) بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر). فهذا نص جلي على جواز الوضوء للصلاة والتيمم لها قبل دخول وقتها، لان الامام يوم الجمعة لابد ضرورة من أن يخرج قبل الوقت أو بعد دخول الوقت، وأي الامرين كان فتطهر هذا الرائح من أول النهار كان قبل وقت الجمعة بلا شك، وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الرائحين إلى الجمعة المتيمم في السفر والمتوضئ * واما من فرق بين جواز الوضوء قبل الوقت وجواز التيمم قبل الوقت فمنع منه:
فإنهم ادعوا أن حكم الآية يوجب أن يكون كل ذلك بعد الوقت، وادعوا أن الوضوء خرج بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه ليس في هذا الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ قبل دخول وقت الصلاة، ولعله توضأ بعد دخول الوقت ثم بقي يصلى بطهارته ما لم تنتقض، فإذ هذا ممكن فلا دليل في هذا الخبر على جواز الوضوء قبل دخول الوقت. وبالله تعالى التوفيق * 113 - مسألة - فان خلط بنية الطهارة للصلاة نية لتبرد أو لغير ذلك لم تجزه الصلاة بذلك الوضوء * برهان ذلك قول الله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) فمن مزج بالنية التي أمر بها نية لم يؤمر بها فلم يخلص لله تعالى العبادة بدينه ذلك، وإذا لم يخلص فلم يأت بالوضوء الذي أمره الله تعالى به، فلو نوى مع وضوئه للصلاة أن