فليس فيه بيان أن استقباله القبلة عليه السلام كان بعد نهيه، ولو كان ذلك لقال جابر:
ثم رأيته (1)، وأيضا فلو صح لما كان فيه الا النسخ للاستقبال فقط، وأما الاستدبار فلا أصلا، ولا يحل أن يزاد في الاخبار ما ليس فيها، فيكون من فعل ذلك كاذبا، وليس إذا نهى عن شيئين ثم نسخ أحدهما وجب نسخ الآخر، فبطل كل ما شغبوا به وبالله تعالى التوفيق، وسقط قولهم لتعريه عن البرهان * وأما من فرق بين الصحارى والبناء في ذلك فقول لا يقوم عليه دليل أصلا، إذ ليس في شئ من هذه الآثار فرق بين صحراء وبنيان، فالقول بذلك ظن، والظن أكذب الحديث، ولا يغنى عن الحق شيئا، ولا فرق بين من حمل النهى على الصحارى دون البنيان، وبين آخر قال: بل النهى عن ذلك في المدينة أو مكة خاصة، وبين آخر قال: في أيام الحج خاصة. وكل هذا تخليط لا وجه له * وقال بعضهم: إنما كان في الصحارى لان هنالك قوما يصلون فيؤذون بذلك * قال أبو محمد: هذا باطل، لان وقوع الغائط كيفا وقع في الصحراء فموضعه لا بد أن يكون قبلة لجهة ما، وغير قبلة لجهة أخرى، فخرج قول مالك عن أن يكون له متعلق بسنة أو بدليل أصلا، وهو قول خالف جميع أقوال الصحابة رضي الله عنهم الا رواية عن ابن عمر قد روى عنه خلافها. وبالله تعالى التوفيق * 147 - مسألة - وكل ماء خالطه شئ طاهر مباح فظهر فيه لونه وريحه وطعمه الا أنه لم يزل عنه اسم الماء فالوضوء به جائز والغسل به للجنابة جائز *