عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه: (قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره (1) فقال - وذكر الحديث وفيه - إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، فان الشاهد عسى أن (2) يبلغ من هو أوعى له منه). ورويناه أيضا من طريق جابر بن عبد الله وابن عمر مسندا صحيحا ومن طريق أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله (3)) * فكان من توضأ بماء مغصوب أو أخذ بغير حق أو أغتسل به أو من إناء كذلك، فلا خلاف بين أحد من أهل الاسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الاناء في غسله ووضوئه حرام (4) وبضرورة يدري كل ذي حس سليم (5) أن الحرام المنهي عنه هو غير الواجب المفترض عمله، فإذ لا شك في هذا فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، والذي لا تجزئ الصلاة إلا به، بل هو وضوء محرم، هو فيه عاص لله تعالى، وكذلك الغسل، والصلاة بغير الوضوء الذي أمره الله تعالى به وبغير الغسل الذي أمر الله تعالى به لا تجزئ، وهذا أمر لا إشكال فيه * ونسأل المخالفين لنا عمن عليه كفارة إطعام مساكين، فأطعمهم مال غيره، أو من عليه صيام أيام، فصام أيام الفطر والنحر والتشريق، ومن عليه عتق رقبة فأعتق أمة غيره: أيجزيه ذلك مما افترض الله تعالى عليه؟ فمن قولهم: لا، فيقال لهم: فمن أين منعتم هذا وأجزتم الوضوء والغسل بماء مغصوب وإناء مغصوب؟
وكل هؤلاء مفترض عليه عمل موصوف في مال نفسه، محرم عليه ذلك من مال غيره باقراركم سواء سواء. وهذا لا سبيل لهم إلى الانفكاك منه. وليس هذا قياسا بل هو