فان قيل: إنما نهى عن الاكل فيها والشرب. قلنا: هذان الخبران نهى عام عنهما جملة، فهما زائدان حكما وشرعا على الاخبار التي فيها النهي عن الشرب فقط أو الأكل والشرب فقط والزيادة في الحكم لا يحل خلافها * فان قيل: فقد جاء أن الذهب والحرير (حرام على ذكور أمتي حل لإناثها).
قلنا: نعم، وحديث النهي عن آنية الذهب والفضة مستثنى من إباحة الذهب للنساء، لأنه أقل منه، ولا بد من استعمال جميع الأخبار، ولا يوصل إلى استعمالها الا هكذا، وهم قد فعلوا هذا في الشرب في إناء الذهب والفضة، فإنهم منعوا النساء من ذلك، واستثنوه من إباحة الذهب لهن * فان قيل: فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرم شيئا (1))، قلنا: نعم، هذا حق وبه نقول، والماء الذي في إناء الذهب والفضة شربه حلال، والتطهر به حلال، وإنما حرم استعمال الاناء، فلما لم يكن بد في الشرب (2) منه وفى التطهر منه من معصية الله تعالى - التي هي استعمال الاناء المحرم - صار فاعل ذلك مجرجرا في بطنه نار جهنم بالنص، وكان في حال وضوئه وغسله عاصيا لله تعالى بذلك التطهر نفسه، ومن الباطل أن تنوب المعصية عن الطاعة، وأن يجزئ تطهير محرم عن تطهير مفترض * ثم نقول لهم: ان من العجب احتجاجكم بهذا الخبر علينا، ونحن نقول به وأنتم تخالفونه، فأبو حنيفة والشافعي يحرمون الوضوء والغسل بماء في إناء كان فيه خمر لم يظهر منها في الماء أثر، فقد جعلوا هذا الاناء يحرم هذا الماء، خلافا للخبر الثابت، وأما مالك فإنه يحرم النبيذ الذي في الدباء والمزفت، وهو الذي أبطل هذا الخبر وفيه ورد، وقد صح عن عائشة رضي الله عنها إباحة الحلى للنساء وتحريم الاناء من الفضة أو الاناء المفضض عليهن. وهو قولنا وبالله تعالى التوفيق.
154 - مسألة - ولا يحل الوضوء من ماء بئار الحجر - وهي أرض ثمود -