حده فما دامت تلك الصفات في تلك العين فهي ماء وله حكم الماء فإذا زالت تلك الصفات عن تلك العين لم تكن ماء ولم يكن لها حكم الماء، وكذلك الدم والخمر والبول وكل ما في العالم، لكل نوع منه صفات ما دامت فيه فهو خمر له حكم الخمر، أو دم له حكم الدم، أو بول له حكم البول أو غير ذلك، فإذا زالت عنه لم تكن تلك العين خمرا ولا ماء ولا دما ولا بولا ولا الشئ الذي كان ذلك الاسم واقعا من أجل تلك الصفات عليه، فإذا سقط ما ذكرتم من الخمر أو البول أو الدم في الماء أو في الخل أو في اللبن أو في غير ذلك -: فان بطلت الصفات التي من أجلها سمى الدم دما والخمر خمرا والبول بولا، وبقيت صفات الشئ الذي وقع فيه ما ذكرنا بحسبها، فليس ذلك الجرم الواقع بعد خمرا ولا دما ولا بولا، بل هو ماء على الحقيقة أو لبن علي الحقيقة، وهكذا في كل شئ * قان غلب الواقع مما ذكرنا وبقيت صفاته بحسبها وبطلت صفات الماء أو اللبن أو الخل فليس هو ماء بعد ولا خلا ولا لبنا، بل هو بول على الحقيقة أو خمر على الحقيقة أو دم على الحقيقة. فان بقيت صفات الواقع ولم تبطل صفات ما وقع فيه فهو ماء وخمر أو ماء وبول أو ماء ودم، أو لبن وبول أو دم وخل وهكذا في كل شئ * ولم يحرم علينا استعمال الحلال من ذلك لو أمكننا تخليصه من الحرام، لكنا لا نقدر على استعماله الا باستعمال الحرام فعجزنا عنه فقط، والا فهو طاهر مطهر حلال بحسبه كما كان، وهكذا كل شئ في العالم، فالدم يستحيل لحما فهو حينئذ لحم وليس دما، والعين واحدة، واللحم يستحيل شحما فليس لحما بعد بل هو شحم والعين واحدة، والزبل والبراز والبول والماء والتراب يستحيل كل ذلك في النخلة ورقا ورطبا، فليس شئ من ذلك حينئذ زبلا ولا ترابا ولا ماء، بل هو رطب حلال طيب، والعين واحدة، وهكذا في سائر النبات كله، والماء يستحيل هواء متصعدا وملحا جامدا فليس هو ماء بل ولا يجوز الوضوء به والعين واحدة، ثم يعود ذلك الهواء وذلك الملح ماء، فليس حينئذ هواء ولا ملحا، بل هو ماء حلال يجوز الوضوء به والغسل * فان أنكرتم هذا وقلتم: انه وان ذهبت صفاته فهو الذي كان نفسه، لزمكم ولا بد إباحة الوضوء بالبول لأنه ماء مستحيل بلا شك، وبالعرق لأنه ماء مستحيل، ولزمكم
(١٦٢)