ومن عجيب ما أوردنا عنهم قولهم في بعض أقوالهم: ان ماء وضوء المسلم الطاهر النظيف أنجس من الفأرة الميتة، ولو أوردنا التشنيع عليهم بالحق لألزمناهم ذلك في وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاما أن يتركوا قولهم، واما أن يخرجوا عن الاسلام، أو في وضوء أبى بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وقولهم: إن حرم طرفه لم يتحرك الطرف الآخر، فليت شعري هذه الحركة بماذا تكون: أبإصبع طفل، أم بتبنة، أو بعود مغزل، أو بعوم عائم، أو بوقوع فيل، أو بحصاة صغيرة، أو بحجر منجنيق، أو بانهدام جرف؟ نحمد الله على السلامة من هذه التخاليط، لا سيما فرقهم في ذلك بين الماء وسائر المائعات، فان ادعوا فيه اجماعا، قلنا لهم: كذبتم، هذا ابن الماجشون يقول: إن كل ماء أصابته نجاسة فقد تنجس، إلا أن يكون غديرا إذا حرك وسطه تتحرك أطرافه * وقال مالك في البئر تقع فيها (1) الدجاجة فتموت فيها: انه ينزف الا أن تغلبهم كثرة الماء، ولا يؤكل طعام عجن به، ويغسل من الثياب ما غسل به، ويعيد كل من توضأ بذلك الماء أو اغتسل به كل صلاة صلاها ما كان في الوقت. قال: فان وقعت في البئر الوزغة أو الفأرة فماتتا: انه يستقى منها حتى تطيب، ينزفون منها ما استطاعوا، فلو وقع خمر في ماء فان من يتوضأ منه يعيد في الوقت فقط، فلو وقع شئ من ذلك في مائع غير الماء لم يحل أكله تغير أو لم يتغير، فان بل في الماء خبز لم يجز الوضوء منه، وأعاد من توضأ به أبدا، فلو تغير الماء من النجاسة المذكورة أو من شئ طاهر أعاد من توضأ به وصلى أبدا، فلو مات شئ من خشاش الأرض في ماء أو في طعام أو شراب أو غير ذلك لم يضره، ويوكل كل ذلك ويشرب، وذلك نحو الزنبور والعقرب والصرار والخنفساء والسرطان والضفدع وما أشبه ذلك * وقال ابن القاسم صاحبة: قليل الماء يفسده قليل النجاسة ويتيمم من لم يجد سواه (2)، فان توضأ وصلى به لم يعد إلا في الوقت *
(١٤٧)