عز وجل من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في تلك المدة، وهذا خلاف لأمر الله عز وجل، فإذا شهد لدعوى من ادعى بعض ما ذكرنا قرآن أو سنة ثابتة اما باجماع أو نقل صحيح فقد صح قوله ووجب طاعة الله تعالى في ذلك، وكذلك من شهدت له ضرورة الحس، لأنها فعل الله تعالى في النفوس، والا فهي أقوال مؤدية إلى ابطال السلام وابطال جميع العلوم وابطال جميع اللغات كلها وكفى بهذا فسادا وبالله تعالى التوفيق * 96 - مسألة - والاجماع هو ما تيقن ان جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوه وقالوا به ولم يختلف منهم أحد كتيقننا انهم كلهم رضي الله عنهم صلوا معه عليه السلام الصلوات الخمس كما هي في عدد ركوعها وسجودها أو علموا انه صلاها مع الناس كذلك وانهم كلهم صاموا معه أو علموا انه صام مع الناس رمضان في الحضر وكذلك سائر الشرائع التي تيقنت مثل هذا اليقين والتي من لم يقر بها لم يكن من المؤمنين. وهذا ما لا يختلف أحد في أنه اجماع وهم كانوا حينئذ جميع المؤمنين لا مؤمن في الأرض غيرهم ومن ادعى ان غير هذا هو اجماع كلف البرهان على ما يدعى ولا سبيل إليه * 97 - مسألة - وما صح فيه خلاف من واحد منهما أو لم يتيقن ان كل واحد منهم رضي الله عنهم عرفه ودان به فليس اجماعا، لان من ادعى الاجماع ههنا فقد كذب وقفا ما لا علم له به، والله تعالى يقول (ولا تقف ما ليس لك به علم) * 98 - مسألة - ولو جاز أن يتيقن اجماع أهل عصر بعدهم أولهم عن آخرهم على حكم نص لا يقطع فيه باجماع الصحابة رضي الله عنهم لوجب القطع بأنه حق وحجة وليس كأن يكون اجماعا * أما القطع بأنه حق وحجة فلما ذكرناه قبل باسناده من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله). فصح من هذا انه لا يجوز البتة أن يجمع أهل عصر ولو طرفة عين على خطأ، ولا بد من قائل بالحق فيهم. وأما انه ليس اجماعا فلان أهل كل عصر بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم ليس جميع المؤمنين وإنما هم بعض المؤمنين، والاجماع إنما هو اجماع جميع المؤمنين لا اجماع بعضهم، ولو جاز أن يسمى اجماعا ما خرج عن
(٥٤)