قال أبو محمد: وهذا لا يصح أصلا، ولو صح لما كان فيه دليل على ما يقولون، لان الافضاء باليد يكون بظاهر (1) اليد كما يكون بباطنها، وحتى لو كان الافضاء بباطن اليد لما كان في ذلك ما يسقط الوضوء عن غير الافضاء، إذا جاء أثر بزيادة على لفظ الافضاء، فكيف والافضاء يكون بجميع الجسد، قال الله تعالى: (وقد أفضى بعضكم إلى بعض) * وأما قول مالك في ايجاب الوضوء منه ثم لم ير الإعادة الا في الوقت فقول متناقض لأنه لا يخلو أن يكون انتقض وضوؤه أو لم ينتقض، فإن كان انتقض فعلى أصله يلزمه أن يعيد أبدا، وإن كان لم ينتقض فلا يجوز له أن يصلى صلاه فرض واحدة في يوم مرتين، وكذلك فرق مالك بين مس الرجل فرجه وبين المرأة فرجها فهو قول لا دليل عليه فهو ساقط * وأما ايجاب الشافعي الوضوء من مس الدبر فهو خطأ، لان الدبر لا يسمى فرجا فان قال: قسته على الذكر قيل له: القياس عند القائلين به لا يكون الا على علة جامعة بين الحكمين، ولا علة جامعة بين مس الذكر ومس الدبر، فان قال: كلاهما مخرج للنجاسة، قيل له: ليس كون الذكر مخرجا للنجاسة هو علة انتقاض الوضوء من مسه، ومن قوله إن مس النجاسة لا ينقض الوضوء، فكيف مس مخرجها.
وبالله تعالى التوفيق * وأما أصحاب أبي حنيفة فاحتجوا بحديث طلق بن علي: (ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره بعد أن يتوضأ (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هل هو الا بضعة منك (4))