الجملة واحد لا يعرف أيوافق سائرهم أم يخالفهم لجاز أن يسمى اجماعا ما خرج عنهم فيه اثنان وثلاثة وأربعة وهكذا أبدا إلى أن يرجع الامر إلى أن يسمى اجماعا ما قاله واحد وهذا باطل ولكن لا سبيل إلى تيقن اجماع جميع أهل عصر بعد الصحابة رضي الله عنهم كذلك بل كانوا عددا ممكنا حصره وضبطه وضبط أقوالهم في المسألة وبالله تعالى التوفيق. وقال بعض الناس يعلم ذلك من. حيث يعلم رضا أصحاب مالك وأصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي بأقوال هؤلاء (قال علي) وهذا خطأ لأنه لا سبيل أن يكون مسألة قال بها أحد من هؤلاء الفقهاء الا وفي أصحابه من يمكن أن يخالفه فيها وان وافقه في سائر أقواله * 99 - مسألة - والواجب إذا اختلف الناس أو نازع واحد في مسألة ما أن يرجع إلى القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى شئ غيرهما ولا يجوز الرجوع إلى عمل أهل المدينة ولا غيرهم * برهان ذلك قول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) فصح انه لا يحل الرد عند التنازع إلى شئ غير كلام الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفى هذا تحريم الرجوع إلى قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لان من رجع إلى قول انسان دونه عليه السلام فقد خالف أمر الله تعالى بالرد إليه والى رسوله لا سيما مع تعليقه تعالى ذلك بقوله (ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) ولم يأمر الله تعالى بالرجوع إلي قول بعض المؤمنين دون جميعهم، وقد كان الخلفاء رضي الله عنهم كأبي بكر وعمر وعثمان بالمدينة وعمالهم باليمن ومكة وسائر البلاد وعمال عمر بالبصرة والكوفة ومصر والشام. ومن الباطل المتيقن الممتنع الذي لا يمكن أن يكونوا رضي الله عنهم طووا علم الواجب والحلال والحرام عن سائر الأمصار واختصوا به أهل المدينة فهذه صفة سوء قد أعاذهم الله تعالى منها وقد عمل ملوك بنى أمية باسقاط بعض التكبير من الصلاة وبتقديم الخطبة على الصلاة في العيدين حتى فشا ذلك في الأرض فصح انه لا حجة في عمل أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم *
(٥٥)