وليس من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقلدا لأنه فعل ما امره الله تعالى به، وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به، وأما غير أهل الاسلام فان الله تعالى يقول (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) * 109 - مسألة - والحق من الأقوال في واحد منها وسائرها خطأ. وبالله تعالى التوفيق * قال الله تعالى (فماذا بعد الحق الا الضلال)، وقال تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) وذم الله الاختلاف فقال (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا) وقال تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا) وقال تعالى (تبيانا لكل شئ) فصح أن الحق في الأقوال ما حكم الله تعالى به فيه، وهو واحد لا يختلف، وأن الخطأ ما لم يكن من عند الله عز وجل. ومن ادعى أن الأقوال كلها حق وأن كل مجتهد مصيب فقد قال قولا لم يأت به قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا معقول، وما كان هكذا فهو باطل، ويبطله أيضا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر) فنص عليه الصلاة والسلام أن المجتهد قد يخطئ، ومن قال: إن الناس لم يكلفوا الا اجتهادهم فقد أخطأ، بل ما كلفوا الا إصابة ما أمر الله به قال الله عز وجل (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) فافترض عز وجل اتباع ما أنزل الينا وأن لا نتبع غيره وأن لا نتعدى حدوده، وإنما أجر المجتهد المخطئ أجرا واحدا على نيته في طلب الحق فقط، ولم يأثم إذا حرم الإصابة، فلو أصاب الحق اجر أجرا آخر كما قال عليه السلام (إنه إذا أصاب أجر أجرا ثانيا) * حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد أخبرنا إبراهيم بن أحمد الفربري حدثنا البخاري حدثنا عبد الله بن المقرئ حدثنا حياة بن شريح حدثنا يزيد ابن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) *
(٧٠)