الأنبذة، وهو خلاف قوله، فظهر فساد قولي أبي حنيفة معا. والحمد لله رب العالمين * وأما قول محمد بن الحسن ففاسد، لأنه لا يخلو أن يكون الوضوء بالنبيذ جائزا فالتيمم معه فضول، أو لا يكون الوضوء به جائزا فاستعماله فضول، لا سيما مع قوله: إنه إذا كان في ثوب المرء أكثر من قدر الدرهم البغلي من نبيذ مسكر بطلت صلاته، ولا شك أن المجتمع على جسد المتوضئ بالنبيذ أو المغتسل به وفى ثوبه أكثر من دراهم بغلية كثيرة * فان قال من ينتصر له: إنا لا ندري أيلزم الوضوء به فلا يجزئ تركه وإما أنه لا يحل (1) الوضوء به فلا يجزئ فعله، فجمعنا الامرين * قيل لهم: الوضوء بالماء فرض متيقن عند وجوده، فلا يجوز تركه، والوضوء بالتيمم عند عدم ما يجزئ الوضوء به فرض متيقن، والوضوء بالنبيذ عندكم غير متيقن، وما لم يكن متيقنا فاستعماله لا يلزم، وما لا يلزم فلا معنى لفعله، ولو جئتم إلى استعمال كل ما تشكون في وجوبه لعظم الامر عليكم، لا سيما وأنتم على يقين من أنه نجس يفسد الصلاة كونه في الثوب، وأنتم مقرون أن الوضوء بالنجس المتيقن لا يحل * وأما المالكيون والشافعيون فإنهم كثيرا ما يقولون في أصولهم وفروعهم: إن خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف منهم لا يحل. وهذا مكان نقضوا فيه هذا الأصل.
وبالله تعالى التوفيق * وأبو حنيفة يقول بالقياس وقد نقض ههنا أصله في القول به، فلم يقس الامراق ولا سائر الأنبذة على نبيذ التمر، وخالف أيضا أقوال طائفة من الصحابة رضي الله عنهم كما ذكرنا دون مخالف يعرف لهم في ذلك، وهذا أيضا هادم لأصله، فليقف على ذلك من أراد الوقوف على تناقض أقوالهم، وهدم فروعهم لأصولهم. وبالله تعالى التوفيق * 149 - مسألة - وفرض على كل مستيقظ من نوم - قل النوم أو كثر، نهارا كان أو ليلا، قاعدا أو مضطجعا أو قائما، في صلاة أو في غير صلاة، كيفما نام - ألا يدخل يده في وضوئه - في إناء كان وضوءه أو من نهر أو غير ذلك - إلا حتى يغسلها ثلاث مرات