ويستشق ويستنثر ثلاث مرات، فإن لم يفعل لم يجزه الوضوء ولا تلك الصلاة، ناسيا ترك ذلك أو عامدا، وعليه أن يغسلها ثلاث مرات ويستنشق كذلك ثم يبتدئ الوضوء والصلاة، والماء طاهر بحسبه، فان صب على يديه وتوضأ دون أن يغمس يديه فوضوؤه غير تام (1) وصلاته غير تامة * برهان ذلك ما حدثناه يونس بن عبد الله ثنا أبو عيسى بن أبي عيسى ثنا أحمد بن خالد ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نوم فلا يغمس - يعنى يده - حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدرى أين باتت يده) قال أبو محمد: زعم قوم أن هذا الغسل خوف نجاسة تكون في اليد، وهذا باطل لا شك فيه، لأنه عليه السلام لو أراد ذلك لما عجز عن أن يبينه، ولما كتمه عن أمته وأيضا فلو كان ذلك خوف نجاسة لكانت الرجل كاليد في ذلك، ولكان باطن الفخذين وما بين الأليتين أولى بذلك (2). ومن العجب على أصولهم أن يكون ظن كون النجاسة في اليد يوجب غسلها ثلاثا، فإذا تيقن كون النجاسة فيها أجزأه إزالتها بغسلة واحدة. وإنما السبب الذي من أجله وجب غسل اليد هو ما نص عليه السلام من مغيب النائم عن درايته أين باتت يده فقط، ويجعل الله تعالى ما شاء سببا لما شاء، كما جعل تعالى الريح الخارج من أسفل سببا يوجب الوضوء وغسل الوجه ومسح الرأس وغسل الذراعين والرجلين (2) * وادعى قوم أن هذا في نوم الليل خاصة، لقوله: ((أين باتت يده) وادعوا أن المبيت لا يكون الا بالليل *
(٢٠٧)