أدى الطهارة والصلاة كما أمر، أو لم يؤدهما كما أمر، فإن كان أدى الصلاة والطهارة كما أمر فلا يحل له أن يصلى ظهرين ليوم واحد في وقت واحد، وكذلك سائر الصلوات، وإن كان لم يؤدهما كما أمر فالصلاة عليه أبدا، وهي تؤدي عنده بعد الوقت * وقد قال بعض المتعصبين له إذ سئل بهذا السؤال فقال: صلى ولم يصل، فلما أنكر عليه هذا ذكر قول الله تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) قال أبو محمد على: وهذا الاحتجاج بالآية في غير موضعها أقبح من القول المموه له بذلك، لان الله تعالى أخبر أن رسوله صلى الله عليه وسلم لم يرم إذ رمى، ولكنه تعالى هو رماها، فهذا البائس الذي صلى ولم يصل، من صلاها عنه؟! فلا بد للصلاة إن كانت موجودة منه من أن يكون لها فاعل، كما كان للرمية رام، وهو الخلاق عز وجل، إذ وجود فعل لا فاعل له محال وضلال، وليس من أقوال أهل التوحيد، وإن كانت الصلاة التي أمر بها غير موجودة منه فليصلها على أصلهم أبدا * وأما قول ابن القاسم: انه ان لم يجد غيره يتوضأ به ويتيمم إذا علم أنها تأكل النتن: فمتناقض لأنه إما ماء وإما ليس ماء، فإن كان ماء فإنه لئن كان يجزئ الوضوء به إذا لم يجد غيره، فإنه يجزئ وان وجد غيره، لأنه ماء، وإن كان لا يجزئ إذا وجد غيره، فإنه لا يجزئ إذا لم يجد غيره ان كن ليس ماء، لأنه لا يعوض من الماء الا التراب، وادخال التيمم في ذلك خطأ ظاهر، لان التيمم لا يحل ما دام يوجد ماء يجزئ به الوضوء * وقال الشافعي: سؤر كل شئ من الحيوان الحلال أكله والحرام أكله طاهر، وكذلك لعابه حاشى الكلب والخنزير، واحتج لقوله هذا بعض أصحابه بأنه قاس ذلك على أسئار بني آدم ولعابهم، فان لحومهم حرام ولعابهم وأسارهم كل ذلك طاهر * قال علي: القياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل، لان قياس سائر السباع على الكلب الذي لم يحرم إلا أنه من جملتها، وبعموم تحريم الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم كل ذي ناب من السباع فقط فدخل الكلب في جملتها بهذا النص: ولولاه لكان حلالا أولى من قياسها على ابن
(١٣٤)