جمال الدين ابن المطهر الحلي غفر الله ذنوبه قد سماه بكتاب نهج الحق وكشف الصدق قد ألفه في أيام دولة السلطان غياث الدين أو لجايتو محمد خدابنده وذكر أنه صنفه بإشارته وقد كان ذلك الزمان أوان فشو البدعة ونبغ نابغة الفرقة الموسومة بالإمامية من فرق الشيعة فإن عامة الناس يأخذون المذاهب من السلاطين وسلوكهم والناس على دين ملوكهم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم (1).
وقال القاضي الشهيد: وأما ما أشار إليه من أن شيوع مذهب الشيعة في ذلك الزمان إنما كان بمجرد اتباع ميل السلطان من غير دلالة حجة وبرهان مردود بما أشرنا إليه سابقا من فضيلة هذا السلطان وأنه كان من أهل البصيرة والفحص عن حقائق المذهب والأديان وأن نقل المذهب وتغيير الخطبة والسكة إنما وقع بعد ما ناظر المصنف العلامة الهمام علماء سائر المذهب وأوقعهم في مضيق الإلزام والافحام وأثبت عليهم حقية مذهب أهل البيت الكرام فمن أختار مذهب الإمامية في تلك الأيام كان المجتهد دليله وظهور الحق بين أظهر الناس سبيله فكانوا آخذين عن المجتهد وسلوكه لا عمن روج المذهب من ملوكه فلا يتوجه هاهنا ما كان يتوجه في بعض الملوك وسلوكهم أن عامة الناس يأخذون المذاهب من السلاطين وسلوكهم والناس على دين ملوكهم.
والحاصل أن السلطان المغفور المذكور لم يكن مدعيا لخلافة النبي صلى الله عليه وآله ولا كان له حاجة في حفظ سلطنته إلى ما ارتكبه ملوك تيم وعدي وبني أمية وبني العباس من هضم أقدار أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم وتغيير دينه أصولا وفروعا ترويجا لدعوى خلافتهم وليسلك الناس مسلكهم من مخافتهم بخلاف هؤلاء الذين تقمصوا الملك والخلافة وابتلوا الدين بكل بلية وآفة (2).