وصل قربه قرأ العلامة آية السجدة، فيسجد المحقق، ويغتنم العلامة الفرصة للهروب (1).
وصاياه وآثاره:
لعلامتنا جمال الدين وصايا جميلة تنبئ عن مقامه الشامخ وحمله للروح الصافية الطيبة التي تحب الخير لكل من يحمل معه صفة الإنسانية.
فمنها: ما أوصى به ولده فخر الدين عند إتمامه كتاب قواعد الأحكام، قال:
إعلم يا بني أعانك الله تعالى على طاعته، ووفقك، لفعل الخير وملازمته، وأرشدك إلى ما يحبه ويرضاه، وبلغك ما تأمله من الخير وتتمناه، وأسعدك في الدارين وحباك بكل ما تقربه العين، ومد لك في العمر السعيد، والعيش الرغيد، وختم أعمالك بالصالحات، ورزقك أسباب السعادات وأفاض عليك من عظائم البركات، ووقاك الله كل محذور، ودفع عنك الشرور:
إني لخصت لك في هذا الكتاب لب فتاوى الأحكام، وبينت لك فيه قواعد شرائع الإسلام، بألفاظ مختصرة وعبارة محررة، وأوضحت لك فيه نهج الرشاد وطريق السداد.
وذلك بعد أن بلغت من العمر الخمسين، ودخلت في عشر الستين، وقد حكم سيد البرايا: بأنها مبدأ اعتراك المنايا، فإن حكم الله تعالى علي فيها بأمره، وقضى فيها بقدره، وأنفذ ما حكم به على العباد الحاضر منهم والباد.
فإني أوصيك - كما افترض الله تعالى علي من الوصية وأمرني به حين إدراك المنية - بملازمة تقوى الله تعالى، فإنها السنة القائمة، والفريضة اللازمة، والجنة الواقية، والعدة الباقية، وأنفع ما أعده الإنسان ليوم تشخص فيه الأبصار ويعدم عنه الأنصار.