كما أنهم انتهزوا الفرصة في التعصب لمذهبهم وكان وزير السلطان محمد خواجة رشيد الدين الشافعي ملولا من ذلك ولكن لم يكن قادرا على التكلم بشئ إلى أن جاء قاضي القضاة نظام الدين عبد الملك من مراغة إلى خدمة السلطان وكان الأوحد في علوم المعقول والمنقول وصاحب المباحثات والمناظرات المتينة وكان شافعي المذهب فقدمه الوزير خواجة رشيد الدين إلى السلطان فصار ملازما له وفوض إليه قضاء ممالك إيران.
وانتهز مولانا نظام الدين الفرصة وشرع في المباحثات مع علماء الحنفية في حضور السلطان في مجالس عديدة حتى زيف جميع أدلتهم فمال السلطان إلى مذهب الشافعية حتى سأل العلامة قطب الدين الشيرازي: إن أراد الحنفي أن يصير شافعيا فماله أن يفعل؟ فقال: هذا سهل يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وجاء ابن صدر جهان الحنفي من بخارا إلى خدمة السلطان فشكا إليه الحنفية من القاضي نظام الدين وأنه أذلنا عند السلطان وأمرائه فألطف بهم ووعدهم.
إلى أن جاء اليوم المشهود يوم الجمعة حيث كان علماء الحنفية والشافعية عند السلطان محمد فسئل القاضي عن جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزنا على مذهب الحنفية فطال بحثهما وآل إلى الافتضاح وأنكر ابن صدر الحنفي ذلك فقرأ القاضي من منظومة أبي حنيفة:
وليس في لواطة من حد * ولا بوطء الأخت بعد عقد فمل السلطان وأمراؤه حتى قام السلطان من مجلسه مغضبا وندم الأمراء على أخذهم مذهب الإسلام وكان بعضهم يقول لبعض: ما فعلنا بأنفسنا تركنا مذهب آبائنا وأخذنا دين العرب المنشعب إلى مذاهب عديدة وفيها نكاح الأم والأخت والبنت فكان لنا إن نرجع إلى دين أسلافنا وانتشر الخبر في ممالك السلطان وكانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منه ويستهزؤون به ويسألونه عن هذه المسائل.