مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٣٤
عبدي فله عشرة ثم يقول: فله خمسة أو عكسه، أو يقول: من رده فله دينار ثم يقول: فله درهم. وإن سمع العامل ذلك قبل الشروع في العمل اعتبر النداء الأخير وللعامل ما ذكر فيه وإن لم يسمعه العامل، أو كان بعد الشروع فهو ما ذكره بقوله: (وفائدته بعد الشروع) في العمل أو قبله ولم يسمعه العامل، (وجوب أجرة المثل) لأن النداء الأخير فسخ للأول، والفسخ من المالك في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل، فلو عمل من سمع النداء الأول خاصة، ومن سمع الثاني استحق الأول نصف أجرة المثل والثاني نصف المسمى الثاني. والمراد بالسماع العلم وأجرة المثل فيما ذكر لجميع العمل لا للماضي خاصة، ولا ينافيه ما مر من أنه لو عمل شيئا بعد الفسخ لا شئ له لأن ذلك فيما فسخ بلا بدل بخلاف هذا. (ولو) تلف المرود قبل وصوله، كأن (مات الآبق) بغير قتل المالك له (في بعض الطريق) ولو بقرب دار سيده، (أو) غصب أو تركه العامل أو (هرب) ولو في دار المالك قبل تسليمه له، (فلا شئ للعامل) وإن حضر الآبق لأنه لم يرده، بخلاف ما لو اكترى من يحج عنه فأتى ببعض الأعمال ومات حيث يستحق من الأجرة بقدر ما عمل. وفرقوا بينهما بأن المقصود من الحج الثواب، وقد حصل ببعض العمل، وهنا لم يحصل شئ من المقصود، وبأن الإجارة لازمة تجب الأجرة فيها بالعقد شيئا فشيئا، والجعالة جائزة لا يثبت فيها شئ إلا بالشرط ولم يوجد. ولو خاط نصف الثوب فاحترق أو تركه أو بنى بعض الحائط فانهدم أو تركه أو لم يتعلم الصبي لبلادته فلا شئ له كما لو طلب الآبق فلم يجده. هذا إذا لم يقع العمل مسلما، وإلا فله أجرة ما عمل بقسطه من المسمى، كما لو مات الصبي في أثناء التعليم لوقوعه مسلما بالتعليم مع ظهور أثر العمل على المحل، ومحله إذا كان حرا كما قيده به في الكفاية، فإن كان رقيقا لم يستحق إلا إذا سلمه السيد أو حصل التعليم بحضرته أو في ملكه. ولا يشكل هذا بما تقدم في الفسخ من أنه لا يستحق مطلقا، لأن التقصير بالفسخ جاء من جهته مع تمكنه من تمام العمل بخلاف ما هنا. ولو منع الصبي أبوه من تمام التعلم أو المالك من تمام العمل وجب له أجرة المثل لما عمله، لأن المنع فسخ أو كالفسخ. أما إذا قتله المال فيستحق العامل القسط كما لو فسخ المالك. ولو أعتق المالك رقيقه قبل رده، قال ابن الرفعة: يظهر أن يقال لا أجرة للعامل إذا رده بعد العتق وإن لم يعلم لحصول الرجوع ضمنا، أي فلا أجرة لعمله بعد العتق، تنزيلا لاعتاقه منزلة فسخه. (وإذا رده) أي الآبق العامل على سيده، (فليس له حبسه لقبض الجعل) لأن الاستحقاق بالتسليم ولا حبس قبل الاستحقاق، وكذا لا يحبسه لاستيفاء ما أنفقه عليه بإذن المالك. (ويصدق المالك) بيمينه (إذا أنكر شرط الجعل) للعامل بأن اختلفا فيه فقال العامل (شرطت لي جعلا) وأنكر المالك، (أو) أنكر (سعيه) أي العامل (في رده) أي الآبق بأن قال: لم ترده وإنما رجع بنفسه، لأن الأصل عدم الشرط والرد. ولو اختلف المالك والعامل في بلوغه النداء، فالقول قول الراد بيمينه كما لو اختلفا في سماع ندائه. (فإن اختلفا) أي الملتزم والعامل (في قدر الجعل) بعد فراغ العمل أو بعد الشروع وقلنا للعامل قسط عمله، (تحالفا) وفسخ العقد ووجب للعامل أجرة المثل كما لو اختلفا في الإجارة، أما قبل الشروع فلا استحقاق له فلا تخالف، ومثله الاختلاف في قدر العمل كقوله: شرطت له مائة على رد عبدين فقال: بل على عبد.
خاتمة: يد العامل على ما يقع في يده إلى أن يرده يد أمانة، فإن خلاه بتفريط ضمن لتقصيره، وإن أنفق عليه مدة الرجوع فمتبرع إلا أن يأذن له الحاكم أو يشهد عند فقده ليرجع. ومن وجد مريضا عاجزا عن السير بنحو بادية لزمه المقام معه إلا إن خاف على نفسه أو نحوها، وإذا أقام معه فلا أجر له. ولو مات المريض لزمه إن كان أمينا حمل ماله إلى ورثته وإلا فلا يلزمه وإن جاز له، وإلا يضمنه في الحالين لو تركه. وحكم المغشي عليه حكم المريض كما أفاده كلام الروضة لا حكم الميت كما قاله ابن المقري. ولو سرق الآبق قطع كغيره ويحفظه الحاكم إذا وجده انتظارا لسيده، فإن أبطأ سيده باعه الحاكم وحفظ ثمنه، فإذا جاء سيده فليس له غير الثمن، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429