مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١٩
والمحجور عليه بسفه وعدم ولاية الكافر على المسلم، والمنتزع منهم هو الحاكم كما قاله شارح التعجيز. وخرج بمسلم المحكوم بكفره فإنه يقر بيده كما مر، وكذا بيد المسلم كما سيأتي. (ولو ازدحم اثنان) كل منهما أهل لالتقاطه (على أخذه) متعلق بازدحم، وذلك بأن يقول كل منهما أنا آخذه، (جعله الحاكم عند من يراه منهما أو) عند من يراه (من غيرهما) لأنه لا حق لهما قبل أخذه فيفعل الاحظ له. (وإن سبق واحد) منهما (فالتقطه منع الآخر من مزاحمته) لقوله (ص):
من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به رواه أبو داود. وخرج بقوله: فالتقطه ما لو سبق إلى الوقوف عنده ولم يأخذه فإنه لا حق له. (وإن التقطاه معا) أي في زمن واحد وإن لم يجب ذلك في معنى مع لأنها تأتي بمعنى جميع، (وهما أهل) لالتقاطه (فالأصح أنه يقدم غني على فقير) لأنه قد يواسيه بماله. ولو تفاوتا في الغنى لم يقدم أغناهما. نعم لو كان أحدهما بخيلا والآخر جوادا فقياس تقديم الغني أن يقدم الجواد، لأن حفظ اللقيط عنده أكثر، وظاهر أنه يقدم الغني على الفقير وإن كان الغني بخيلا. والثاني: يستوي الغني والفقير، لأن نفقة اللقيط لا تجب على ملتقطه. (و) يقدم (عدل) باطنا بكونه مزكى عند حاكم، (على مستور) أي عدل ظاهرا بأن لم يعلم فسقه ولم يعلم تزكيته عند حاكم، أما العدل عند الله فلا يعلمه إلا الله. ويقدم الحر على المكاتب لكماله، والبلدي على البدوي. ويستوي المسلم والكافر في التقاط المحكوم بكفره، وقيل: يقدم المسلم، وقيل: الكافر، ولا تقدم المرأة على الرجل وإن قدمت في الحضانة.
تنبيه: لو ازدحم على أخذ لقيط ببلد أو قرية ظاعن إلى بادية أو قرية وآخر مقيم فالمقيم أولى لأنه أرفق به وأحوط لنسبه، لا على ظاعن يظعن به إلى بلد أخرى بل يستويان بناء على أنه يجوز للمنفرد نقله إلى بلده كما سيأتي.
واختار المصنف تقديم قروي مقيم بالقرية على بلدي ظاعن، ونقله عن ابن كج، لكن منقول الأصحاب أنهما مستويان كما نقله هو تبعا للرافعي. ويقدم حضري على بدوي إذا وجداه بمهلكة، ويستويان فيه إذا وجداه بمحلة أو قبيلة أو نحو ذلك. قال الأذرعي: ويقدم البصير على الأعمى، والسليم على المجذوم والأبرص إن قيل بأهليتهم للالتقاط. (فإن استويا) في الصفات المعتبرة وتشاحا، (أقرع) بينهما على النص لعدم الأولوية ولو كان اللقيط مميزا واختار أحدهما، بخلاف تخيير الصبي المميز بين أبويه لتعويلهم ثم على الميل الناشئ عن الولادة وهو معدوم هنا. ولا يهايأ بينهما للاضرار باللقيط، ولا يترك في يدهما لتعذر أو تعسر الاجتماع على الحضانة. وقد كانت القرعة في الكفالة في شرع من قبلنا في قصة مريم، قال تعالى: * (إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * أي اقترعت الأحبار على كفالتها بإلقاء أقلامهم، ولم يرد في شرعنا ما يخالفه، وتقدم الكلام على ذلك هل يكون شرعا لنا أم لا. وليس للقارع ترك حقه للآخر وإن خالف في ذلك الماوردي، كما أنه ليس للمنفرد نقله إلى غيره، ولو ترك حقه قبل القرعة انفرد به الآخر. (وإذا وجد بلدي) أو قروي أو بدوي (لقيطا ببلد) أو قرية (فليس له نقله إلى بادية) لخشونة عيشها وتفويت العلم والدين والصنعة، وقيل: لضياع النسب، ولا فرق بين السفر به للنقلة وغيرها كما قال المتولي وأقراه. نعم لو قربت البادية من البلد أو القرية بحيث يسهل المراد منها جاز النقل إليها لانتفاء العلة، صرح به في أصل الروضة. ويمتنع أيضا نقله من بلدة إلى قرية لما مر.
تنبيه: البادية خلاف الحاضرة، لأن الحاضرة المدن والقرى والريف، والقرية هي العمارة المجتمعة، فإن كبرت سميت بلدا، وإن عظمت سميت مدينة، والريف هي الأرض التي فيها زرع وخصب. (والأصح أن له) أي الملتقط (نقله) أي اللقيط (إلى بلد آخر) بناء على العلة الأولى، سواء كانت وطن الملتقط أم لا سافر إليها لنقلة أم لا كما يقتضيه
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429