مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٣١
في خلاصه بجاهه أو بغيره جاز كما نقله المصنف في فتاويه عن جماعة، وإن كان هذا العمل فرض كفاية.
تنبيه: يشترط في العمل كونه فيه كلفة، وعلى هذا لو سمع النداء من المطلوب في يده فرده وفي الرد كلفة كالآبق استحق الجعل وإلا فلا يستحق شيئا، لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بعوض. وشمل كلامهم ما لو كان المال في يده بجهة توجب الرد، كالغصب والعارية، وقضيته الاستحقاق بالرد إن كان فيه كلفة، ولكن تعليلهم عدم استحقاق من دل على ما في يده أنه لا يستحق شيئا لأن ذلك واجب عليه شرعا يقتضي خلافه، وهذا هو الظاهر كما قاله بعض شراح الكتاب. ولو جعل لمن أخبره بكذا جعلا فأخبره به لم يستحق شيئا، لأنه لا يحتاج فيه إلى عمل، فإن تعب وصدق في أخباره وكان للمستخبر غرض في المخبر به كما صرح به الرافعي في آخر الباب استحق الجعل. ثم شرع في الركن الرابع، وهو الجعل، فقال: (ويشترط) لصحة الجعالة (كون الجعل) مالا (معلوما) لأنه عوض كالأجرة، ولأنه عقد جوز للحاجة، ولا حاجة لجهالة العوض بخلاف العمل والعامل. (فلو) كان مجهولا، كأن (قال: من رده) أي عبدي مثلا (فله ثوب أو أرضيه) أو نحوه، أو كان الجعل خمرا أو مغصوبا، (فسد العقد) لجهل الجعل أو نجاسة عينه أو عدم القدرة على تسليمه، (وللراد أجرة مثله) كالإجارة الفاسدة. واستثني من هنا صورتان: الأولى ما إذا قال:
حج عني وأعطيك نفقتك فإنه يجوز مع جهالتها كما جزم به الرافعي في الشرح الصغير والمصنف في الروضة، وقيل، إن هذه أرزاق لا جعالة، وإنما يكون جعالة إذا جعله عوضا، فقال: حج عني بنفقتك، وقد صرح الماوردي في هذه الصورة بأنها جعالة فاسدة، ونص عليه في الام. الثانية: مسألة العلج، وستأتي في السير إن شاء الله تعالى.
تنبيه: لو وصف الجعل بما يفيد العلم استحقه العامل كما جزم به في الأنوار ونقله في أصل الروضة عن المتولي.
فإن قيل: قد تقرر في البيع والإجارة وغيرهما أن الشئ المعين لا يغني وصفه عن رؤيته، وحينئذ فله أجرة المثل هنا. أجيب بأن تلك العقود عقود لازمة بخلاف الجعالة، فاحتيط لها ما لم يحتط للجعالة. ولو قال: من رد رقيقي مثلا فله ثيابه أو ربعه استحق المشروط إن علمه وإلا فأجرة المثل. وهل يكفي الوصف في الرقيق أو لا لتفاوت الأغراض؟ فيه خلاف، والذي ينبغي أنه إن وصفه مما يفيد العلم الصحة.
فائدة: الاعتبار بأجرة المثل بالزمان الذي حصل فيه كل العمل لا بالزمان الذي حصل فيه التسليم كما قالوه في المسابقة.
(ولو قال) شخص بناء على صحة الجعالة على عمل معلوم: من رد عبدي مثلا (من بلد كذا) فله كذا، (فرده) العامل (من) مكان (أقرب منه فله قسطه) أي الأقرب، (من الجعل) لأنه جعل كل الجعل في مقابلة العمل فبعضه في مقابلة البعض، فإن رده من نصف الطريق مثلا استحق نصف الجعل، ويجب فرضه كما قال ابن الرفعة فيما إذا تساوت الطريق سهولة وحزونة، فإن تفاوتت بأن كانت أجرة نصف المسافة ضعف أجرة النصف الآخر فيقابله ثلثا الجعل.
تنبيه: شمل قوله: أقرب تلك البلدة وغيرها، وهو كذلك، وإن نظر في ذلك السبكي. فلو قال مكي: من رد عبدي من عرفة فله كذا فرده من منى أو من التنعيم استحق بالقسط، لأن التنصيص على المكان إنما يراد به الارشاد إلى موضع الآبق أو مظنته، لا أن الرد منه شرط في أصل الاستحقاق، إذ لو أريد حقيقة ذلك المكان لكان إذا رده من دونه لا يستحق شيئا لأنه لم يرده منه. وخرج بأقرب ما لو رده من أبعد فلا يستحق للزيادة شيئا. (ولو عمم المالك النداء، كأن قال: من رد عبدي فله كذا و (اشترك) حينئذ (اثنان) مثلا غير معينين (في رده اشتركا في الجعل) لحصول الرد منهما، والاشتراك فيه على عدد الرؤوس وإن تفاوتا في العمل لأنه لا ينضبط، أي غالبا، حتى يقع التوزيع عليه. وخالف هذا ما لو قال: من دخل داري فأعطه درهما فدخل جمع استحق كل واحد درهما، لأن كل واحد دخل، وليس كل واحد يراد، وما لو قال: من حج عني فله دينار فحج عنه اثنان معا لم يستحق واحد منهما شيئا لأن أحدهما ليس أولى من الآخر كالوليين
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429