في عقد النكاح كما ذكروه في كتاب الحج، فإن سبق أحدهما استحق. ولو قال: من رد العبدين من كذا فله دينار فردهما سامع من نصف المسافة، أو رد أحدهما من جميعها، استحق النصف عملا بالتوزيع على العمل، أو قال لاثنين:
إن رددتما العبدين فلكما كذا فردهما واحد منهما فله النصف، أو رد أحدهما واحدا من العبدين فله الربع لذلك فيهما. قال السبكي: ولو قال: أي رجل رد عبدي فله درهم فرده اثنان اقتسما الدرهم بينهما على الأقرب عندي. ولو كان عبد بين اثنين لأحدهما ثلثه فقالا لرجل: إن رددت عبدنا فلك دينار فرده فالدينار بينهما أثلاثا على قدر الملك في أصح الوجهين كما قاله القاضي. (ولو التزم جعلا لمعين) كإن رددت عبدي فلك دينار (فشاركه غيره في العمل إن قصد) الغير (إعانته) بعوض أو بغيره، (فله) أي المعني (كل الجعل) لأن رد غير المعين بقصد الإعانة له واقع عنه ومقصود المالك رد الآبق بأي وجه أمكن، فلا يحمل لفظه على قصر العمل على المخاطب. (وإن قصد) المشارك (العمل) لنفسه أو (للمالك) أو مطلقا كما بحثه شيخنا، (فللأول) أي المعين (قسطه) وهو النصف، إذ القسمة على عدد الرؤوس كما مر وإن أفهمت عبارته أنها على قدر العمل. ولو قصد العمل لنفسه والعامل أو للعامل والملتزم أو للجميع فللمعين في غير الأخيرة ثلاثة أرباع الجعل وفيها ثلثاه. ولو شاركه اثنان في الرد فإن قصدا إعانته فله تمام الجعل أو العمل للمالك فله ثلثه أو واحد إعانته والآخر العمل للمالك فله ثلثاه. (ولا شئ للمشارك بحال) في أي حال مما قصده، لأن المالك لم يلتزم له شيئا، نعم إن التزم له العامل بشئ لزمه. ولو قال لزيد: رد عبدي مثلا ولك دينار فأعانه آخر فالكل لزيد، فقد يحتاج للمعاونة، وغرض الملتزم العمل بأي وجه أمكن فلا يحمل على قصر العمل على المخاطب. ويجوز للعامل أن يستعين بغيره إذا لم يكن معينا وإن لم يعجز، لأن الجعالة خفف فيها، وإن كان معينا فهو كالوكيل فيجوز أن يستعين به فيما يعجز عنه أو لا يليق به كما يوكل فيه، وتوكيل غير المعين بعد سماعه النداء غيره كالتوكيل في الاحتطاب ونحوه فيجوز.
فائدة: استنبط السبكي رحمه الله تعالى من استحقاق المجعول له تمام الجعل إذا قصد المشارك إعانته، ومن استحقاق العامل في المساقاة نصيبه إذا تبرع عنه المالك أو أجنبي في العمل جواز الاستنابة في الإمامة. وكل وظيفة تقبل الاستنابة كالتدريس بشرط أن يستنيب مثله أو خيرا منه ويستحق كل المعلوم، قال: وإن أفتى ابن عبد السلام والنووي بعدم استحقاق واحد منهما، قالا: أما المستنيب فلعدم مباشرته، وأما النائب فلعدم ولايته إلا أن يأذن له الناظر في المباشرة. قال الزركشي: ومدركهما في ذلك أن الريع ليس من باب الإجارة ولا الجعالة، لأن شرطهما أن يقع العمل فيهما للمستأجر والجاعل والعمل هنا لا يمكن وقوعه للجاعل فلم يبق إلا الإباحة بشرط الحضور ولم يوجد فلا يصح إلحاقه بهذه المسألة. وقال الأذرعي: وما ذكره رحمه الله تعالى فتح باب لأرباب الجهات والجهالات في تولي المناصب الدينية واستنابة من لا يصلح أو يصلح بنزر يسير من المعلوم ويأخذ ذلك المستنيب مال الوقف على ممر الاعصار اه. وقال الغزي بعد تمثيل السبكي بالإمامة: وهذا بخلاف الفقهاء. قال ابن شهبة: وهو واضح، لأنه لا يمكن أن يستنيب من يتفقه عنه اه. واعلم أن الجعالة إذا وردت على بذل المنافع في تحصيل الشئ فلها صورتان: إحداهما أن يكون الجعل على شئ واحد كقوله: من بنى لي حائطا أو خاط لي ثوبا فله كذا فخاط بعض الثوب، أو بنى بعض الحائط، وسيأتي الكلام على ذلك. الثانية: أن يكون على تحصيل شيئين ينفك أحدهما عن الآخر كقوله: من رد العبدين فله كذا فرد أحدهما استحق نصف الجعل. قال الزركشي: وعلى هذا يتخرج غيبة الطالب عن الدرس بعض الأيام، إذا قال الواقف: من حضر شهر كذا فله كذا فإن الأيام كمسألة العبيد فإنها أشياء متفاصلة فيستحق قسط ما حضر، قال: فتفطن لذلك فإنه مما يغلط فيه. قال الدميري: ولذلك كان الشيخ تقي الدين القشيري إذا بطل يوما غير معهود البطالة في درسه لا يأخذ لذلك اليوم معلوما. قال: وسألت شيخنا عن ذلك مرتين، فقال: إن كان الطالب في حال انقطاعه مشتغلا بالعلم