مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٦
الحرائر، ويسافر بها زوجها بغير إذن سيدها وأولادها قبل إقرارها بالرق أحرار لظنه حريتها ولا يلزم قيمتهم لأن قولها غير مقبول في إلزامه وبعده أرقاء لأنه وطئها عالما برقها. ويلغز بهذه المسألة فيقال لنا: حر تزوج حرة فأولدها حرا ثم رقيقا في عقد واحد. وإذا طلقت تعتد بثلاثة أقراء، لأن عدة الطلاق حق الزوج، وله الرجعة فيها في الطلاق الرجعي. وتعتد للوفاة كالأمة لعدم تضرر الزوج بنقصان العدة. وإن كان المقر بالرق ذكرا انفسخ نكاحه، إذ لا ضرر على الزوجة ولزمه المسمى إن دخل بها، ونصفه إن لم يدخل بها، لأن سقوط ذلك يضرها، وحينئذ يؤديه مما في يده أو من كسبه في الحال والاستقبال، وإن لم يوجد بقي في ذمته إلى أن يعتق. ولو جنى على غيره عمدا ثم أقر بالرق اقتص منه حرا كان المجني عليه أو رقيقا، وإن جنى خطأ أو شبه عمد قضي الأرش مما بيده. فإن قيل: الأرش لا يتعلق بما في يد الجاني حرا كان أو رقيقا. أجيب بأن الرق لما أوجب الحجر عليه اقتضى التعلق بما في يده كالحر إذا حجر عليه بالفلس، فإن لم يكن معه شئ تعلق الأرش برقبته، وإن أقر بالرق بعدما قطعت يده مثلا عمدا اقتص من الرقيق دون الحر لأن قوله مقبول فيما يضره، أو بعدما قطعت خطأ وجب الأقل من نصفي القيمة والدية لأن قبول قوله في الزائد يضر بالجاني. (ولو ادعى رقه من ليس في يده بلا بينة لم يقبل) جزما، إذ الظاهر الحرية فلا تترك إلا بحجة، بخلاف النسب فإن في قبوله مصلحة للصبي وثبوت حق له. (وكذا إن ادعاه الملتقط) بلا بينة وأسنده إلى الالتقاط لم يقبل أيضا (في الأظهر) لأن الأصل الحرية، فلا تزال بمجرد الدعوى. والثاني: يقبل ويحكم له بالرق كما في يد غير الملتقط وسيأتي. وفرق الأول بأن اللقيط محكوم بحريته ظاهرا بخلاف غيره. ولو ادعى على اللقيط الرق فأنكر كونه له ثم أقر له بالرق قبل، فإن أنكر كان للمدعي تحليفه، فإن كان أنكر أصل الرق ثم أقر له لم يقبل ولم يحلف لأن التحليف لطلب الاقرار وإقراره غير مقبول. ولو قذف شخص لقيطا كبيرا أو جنى عليه ولو صغيرا جناية توجب قصاصا وادعى أنه رقيق فأنكر فالقول قول اللقيط بيمينه، لأن الأصل الحرية، فيجب الحد على القاذف في الأولى والقصاص على الجاني في الثانية. ومتى كان اللقيط قاذفا وادعى الرق حد حد الأحرار، إذ لا يقبل إقراره فيما يضر بغيره في الماضي. (ولو رأينا صغيرا مميزا أو غيره في يد من يسترقه) بادعائه رقه (ولم يعرف استنادها إلى الالتقاط) ولا غيره (حكم له بالرق) بدعواه على الصحيح في الروضة عملا باليد والتصرف بلا معارض، ويحلف وجوبا على الأصح المنصوص، وقيل: ندبا، وقيل: لا يحكم بالرق كاللقيط، فعلى الأول لا يؤثر تكذيب المميز.
تنبيه: أفهم قوله: ولم يعرف إلخ أن الملتقط لو أقام بينة على أنه كان يده قبل التقاطه حكم له به، وهو ما في الروضة كأصلها عن البغوي، ثم قالا: لكن روى ابن كج عن النص أنه لا يرق حتى يقيم البينة على سبب الملك اه‍. وهذا أظهر. (فإن بلغ) اللقيط بعد الحكم برقه (وقال أنا حر) الأصل، (لم يقبل قوله في الأصح إلا ببينة) بالحرية، لأنا قد حكمنا برقه في صغره فلا نزيله إلا بحجة، وله تحليف السيد كما نقلاه عن البغوي وأقراه. والثاني: يقبل قوله لأنه الآن من أهل القول إلا أن يقيم المدعي بينة برقه، ولا فرق في جريان الخلاف بين أن يدعي في الصغر ملكه ويستخدمه ثم يبلغ وينكر وبين أن يتجرد الاستخدام إلى البلوغ ثم يدعي ملكه وينكر المستخدم كما صرح به الرافعي في الدعاوي، ولو أقر بالرق لغير سيده لم يقبل. والمجنون البالغ كالصبي فيما ذكر، وإفاقته كبلوغه.
فرع: لو رأينا صغيرة في يد رجل يدعي نكاحها وبلغت وأنكرت قبل قولها وعلى المدعي البينة، وهل يحكم في صغرها بالنكاح؟ قال ابن الحداد: نعم كالرق، والأصح المنع. وفرق الأصحاب بأن اليد في الجملة دليل على الملك، ويجوز أن يولد المملوك مملوكا والنكاح طارئ بكل حال فيحتاج إلى البينة. (ومن أقام) من ملتقط وغيره (بينة
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429