مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٨
زوجها إن شهدت البينة بوضعه على فراشه وأمكن العلوق منه وإلا فلا يلحقه. ولو تنازعت امرأتان لقيطا أو مجهولا وأقامتا بينتين تعارضتا وعرض معهما على القائف، فلو ألحقه بإحداهما لحقها وألحق زوجها بالشرط المتقدم، فإن لم يكن بينة لم يعرض على القائف لما مر أن استلحاق المرأة إنما يصح مع البينة. واستلحاق الأمة يصح بالبينة كالحرة، لكن لا يحكم برق الولد لمولاها باستلحاقها لاحتمال انعقاده حرا بوطئ شبهة. ويصح استلحاق الخنثى على الأصح عند القاضي أبي الفرج البزاز، ويثبت النسب بقوله، لأن النسب يحتاط له ولا يحتاج عليه، فإن اتضحت ذكورته بعد استمر الحكم أو أنوثته فخلاف المرأة. (أو) استلحق اللقيط (اثنان) أهلان للالتقاط، بأن ادعى كل منهما نسبه منه، (لم يقدم) منهما (مسلم وحر على ذمي) وأولى منه على كافر (وعبد) بل يستويان في ذلك، لأن كلا منهما لو انفرد كان أهلا لذلك، فلا بد من مرجح مما سيأتي. (فإن لم يكن) لواحد منهما (بينة) أو كان لكل منهما بينة وتعارضتا كما سيأتي، (عرض) اللقيط مع المدعيين (على القائف فيلحق من ألحقه به) لأن في إلحاقه أثرا في الانتساب عند الاشتباه كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى آخر الدعاوي ، فإن كان لأحدهما بينة قضى بها فإنها تقدم على إلحاق القائف. (فإن لم يكن قائف) بأن لم يوجد على دون مسافة القصر كما ذكره الماوردي وحكاه الرافعي في العدد عن الروياني، (أو) كان ولكن (تحير أو نفاه عنهما أو ألحقه بهما) انتظر بلوغه، و (أمر بالانتساب بعد بلوغه إلى من يميل طبعه) الجبلي (إليه منهما) فلا يكفي فيه مجرد التشهي، فمن انتسب إليه منهما لحق به لما روي البيهقي بسند صحيح: أن رجلين ادعيا رجلا لا يدرى أيهما أبوه، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: اتبع أيهما شئت ولان طبع الولد يميل إلى والده ويجد به ما لا يجده بغيره، فلا يكفي انتسابه وهو صبي ولو مميز بخلافه في الحضانة فإنه يخير بين أبويه لأن اختياره فيها لا يلزم، بل له الرجوع عن الأول لأنه ليس من أهل الأقوال الملتزمة بخلاف ما هنا فلا يقل رجوعه عن انتسابه إلى أحدهما، وينفقان عليه مدة الانتظار والقرار على من لحقه النسب، لكن إنما يرجع الآخر إذا أنفق بإذن الحاكم كما قيده الرافعي في الباب الثاني من العدد.
تنبيه: قول المصنف: أمر يقتضي جبره عليه، وبه صرح الصيمري، وزاد غيره: فإن امتنع حبس. هذا فيمن امتنع عنادا، أما من لم يمل طبعه إلى واحد منهما فيوقف الامر، فإن انتسب إلى غيرهما وصدقه ثبت نسبه منه، وإذا انتسب إلى أحدهما وألحقه القائف بالآخر قدم القائف لأنه حجة أو حكم، أو ألحقه القائف بأحدهما وأقام الآخر بينة قدمت لأنها حجة في كل خصومة. ولو كانا ولدين فانتسب كل واحد منهما لواحد دام الاشكال، فإن رجع أحدهما إلى الآخر قبل قوله بعد بلوغه. وقوله: أو ألحقه بهما من زيادته من غير تمييز. (ولو أقاما) على نسبه (بينتين متعارضتين سقطتا في الأظهر) وعرض على القائف كما مر، إذ لا يمكن العمل بالبينتين لاستحالة كون الولد منهما، ولا يرجح بينة بيد لأن اليد إنما تدل على الملك لا على النسب. والثاني: لا يسقطان، وترجح إحداهما بقول القائف. قال الرافعي: ولا يختلف المقصود على الوجهين، وهما مفرعان على قول التساقط في التعارض في الأموال.
خاتمة: لو تداعيا مولودا فقال أحدهما هو ذكر وقال الآخر هو أنثى فبان ذكرا ففي الشامل يحتمل أن لا تسمع دعوى من قال هو أنثى، لأنه قد عين غيره، ويحتمل أن تسمع لأنه قد يخطئ في الصفة اه‍. والأول أظهر. ولو استرضع ابنه يهودية لها ابن ثم غاب ثم رجع فوجدها ميتة ولم يعرف ابنه من ابنها أفتى المصنف بأن أمرهما موقوف حتى يتبين الحال ببينة أو قائف، أو يبلغا فينتسبا انتسابا مختلفا، وفي الحال يوضعان في يد مسلم، فإن لم توجد بينة ولا قافة وانتسبا إلى واحد دام الوقف فيما يرجع للنسب، ويتلطف بهما ليسلما فإن أصرا على الامتناع لم يكرها عليه، وإذ ماتا دفنا بين مقابر
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429