استحق وإلا فلا، قال - يعني شيخه - ولو حضر ولم يكن بصدد الاشتغال لم يستحق لأن المقصود نفعه بالعلم لا مجرد حضوره، وكان يذهب إلى أن ذلك من باب الأرصاد اه. قال الزركشي: ولو تولى وظيفة وأكره على عدم مباشرتها أفتى الشيخ تاج الدين الفزاري باستحقاقه المعلوم، والظاهر خلافه لأنها جعالة وهو لم يباشر اه. والظاهر ما أفتى به الشيخ تاج الدين. والذي ينبغي أن يقال في ذلك أن هذه الوظائف إن كانت من بيت المال وكان من هي بيده مستحقا فهو يستحق معلومها سواء أحضر أم لا استناب أم لا. وأما النائب فإن جعل له معلوما في نيابته استحق وإلا فلا، فإن لم تكن من بيت المال أو كانت ولم يكن مستحقا فيه، فما قاله المصنف هو الظاهر. (ولكل منهما) أي المالك والعامل (الفسخ قبل تمام العمل) لأنه عقد جائز من الطرفين. أما من جهة الملتزم فلأنها تعليق استحقاق بشرط فأشبهت الوصية. وأما من جهة العامل فلان العمل فيها مجهول فأشبهت القراض.
تنبيه: إنما يتصور الفسخ ابتداء من العامل المعين، وأما غيره فلا يتصور الفسخ منه إلا بعد الشروع في العمل، وتقدم أنه لا يشترط قبول العامل فيؤول الفسخ في حقه بالرد. وخرج بقوله: قبل تمام العمل ما بعده فإنه لا أثر للفسخ حينئذ للزوم الجعل. (فإن فسخ) بضم أوله بخطه، أي فسخ المالك أو العامل المعير، (قبل الشروع) في العمل (أو فسخ العامل بعد الشروع) فيه، (فلا شئ له) في الصورتين. أما الأولى فلانه لم يعمل شيئا، وأما في الثانية فلانه لم يحصل غرض المالك، سواءا وقع العمل مسلما أم لا كما جزم به ابن الرفعة. نعم لو زاد المالك في العمل ولم يرض العامل بالزيادة ففسخ لذلك فله أجرة المثل كما ذكره في أصل الروضة في آخر المسابقة، لأن المالك هو الذي ألجأه لذلك.
وقول الأسنوي: وقياسه إذا نقص من الجعل، ممنوع وإن كان الحكم صحيحا، لأن النقص فسخ كما سيأتي، فهو فسخ من المالك لا من العامل. ولو فسخ العامل والملتزم معا لم أر من ذكره وينبغي عدم الاستحقاق لاجتماع المقتضي والمانع. وإن عمل العامل شيئا بعد الفسخ، قال في أصل الروضة: لم يستحق شيئا إن علم بالفسخ، فإن لم يعلم بنى على الخلاف في نفوذ عزل الوكيل في غيبته قبل علمه اه. وقضية البناء عدم الاستحقاق، وهو المعتمد كما جزم به ابن المقري وإن قال الماوردي والروياني إن له المسمى إذا كان جاهلا وهو معين أو لم يعين المالك بالفسخ. قال ابن شهبة: ولعل ما قاله الماوردي والروياني مبني على أن الوكيل لا ينعزل إلا بالعلم، وينفسخ أيضا بموت أحد المتعاقدين وبجنونه وإغمائه. وإن مات المالك بعد الشروع في العمل فرده إلى وارثه وجب قسط ما عمله في الحياة من المسمى. قال الماوردي: ولو مات العامل فرده وارثه استحق القسط أيضا اه. وهذا إذا كان العامل معينا، أما غير المعين فيظهر أنه يستحق الجميع بعمله وعمل مورثه، كما لو رده اثنان، وهذا ظاهر ولم أر من ذكره. (وإن فسخ المالك بعد الشروع) في العمل (فعليه أجرة المثل) لما عمله العامل (في الأصح) لأن جواز العقد يقتضي التسليط على رفعه، وإذ ارتفع لم يجب المسمى كسائر الفسوخ، لكن عمل العامل وقع محترما فلا يفوت عليه فرجع إلى بدله وهو أجرة المثل كالإجارة إذا فسخت بعيب. وربما عبر معظم الأصحاب عن ذلك بأنه ليس له الفسخ حتى يضمن، أي يلتزم للعامل أجرة مثل ما عمل، وجرى عليه صاحب التنبيه. والثاني: لا شئ عليه، كما لو فسخ العامل بنفسه. والفرق ظاهر، وعلى الأول لا فرق بين أن يكون ما صدر من العامل لا يحصل به مقصود أصلا كرد العبد إلى بعض الطريق أو يحصل به بعضه كما لو قال: إن علمت ابني القرآن فلك كذا فعلمه بعضه ثم منعه من تعليمه كما جزم به في أصل الروضة، ووقع للأذرعي في شرحه هنا خلاف ذلك فليحذر. فإن قيل: قياس ما لو مات المالك في أثناء المدة حيث تنفسخ ويستحق القسط من المسمى أن يكون هنا كذلك، وأي فرق بين الفسخ والانفساخ؟ أجيب بأن العامل ثم تمم العمل بعد الانفساخ ولم يمنعه المالك منه بخلافه هنا. ( وللمالك أن يزيد وينقص) أي يتصرف (في الجعل) أي الذي شرطه للعامل بزيادة أو نقص أو يعتبر جنسه، (قبل الفراغ) من عمل العامل، سواء أكان قبل الشروع أم بعده، كما يجوز في البيع في زمن الخيار بل أولى، كأن يقول: من رد