مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٣٠
من عادته الاستهزاء والخلاعة كما بحثه الزركشي: (من رد عبد زيد فله كذا، استحقه الراد على الأجنبي) لأنه التزمه.
وليس الجعل عوض تمليك، وبهذا خالف الثمن في البيع حيث لا يجوز إلا ممن يقع المالك له. فإن قيل، إنه لم يلتزمه بقوله علي، ويحتمل أنه يريد فله كذا على مالكه فيكون فضوليا محضا فلا يصح ولا يلزم واحدا منهما. أجيب بأنهم جعلوه التزام عند الاطلاق لأنه سابق إلى الفهم. وصور ابن يونس المسألة بما إذا قال: فله علي، ثم قال: وألحق الأئمة به قوله:
فله كذا وإن لم يقل علي لأن ظاهره التزام. فإن قيل: لا يجوز لاحد بهذا القول وضع يده على الآبق بل يضمن، فكيف يستحق الأجرة؟ أجيب بأنه لا حاجة إلى الاذن في ذلك لأن المالك راض به قطعا، أو بأن صورة ذلك أن يأذن المالك لمن شاء في الرد، أو يكون للأجنبي ولاية على المالك، ولو صدق الراد المنادي على أمر السيد لم يرجع على المنادي، قاله الماوردي.
تنبيه: قد يفهم تعبير المصنف كغيره بالأجنبي أنه لو قال الولي ذلك عن محجوره على وجه المصلحة بحيث يكون الجعل قدر أجرة مثل ذلك العمل أن الراد يستحقه في مال المالك بمقتضى قول وليه، قال بعض المتأخرين: وهو واضح، ولم أر من تعرض له اه‍. فإن ثبت هذا لم يصح الجواب الأخير عن السؤال الثاني. (وإن قال) الأجنبي:
(قال زيد، من عبدي فله كذا، وكان) الأجنبي (كاذبا لم يستحق) العامل (عليه) أي الأجنبي لعدم التزامه، (ولا على زيد) إن كذب القائل، وإن صدقه استحق العامل على زيد إن كان القائل ثقة، وإلا فهو كما لو رد عبد زيد غير عالم بإذنه والتزامه فلا شئ له على زيد وإن صدقة كما في أصل الروضة، فإن أنكر المالك الخبر لم تقبل شهادة القائل الثقة عليه لأنه متهم في ترويج قوله. (ولا يشترط قبول العامل) لفظا (وإن عينه) الجاعل، أما في غير المعين فلاستحالة طلب جوابه، وأما في المعين فلما فيه من التضييق في محل الحاجة، وعليه قال القمولي: لو قال لغيره: إن رددت عبدي فلك دينار، فقال: أرده بنصف دينار، فالوجه القطع باستحقاق الدينار. فإن قيل: قياس ما في الروضة وأصلها في باب الخلع أنه لو قالت له زوجته: طلقني بألف فطلق بخمسمائة فإنه يقع بها أنه يستحق هنا نصف الدينار.
أجيب بأن الخلع لما كان فيه شوب معاوضة من جهة الزوج وقد رضي ببعض ما شرط له اعتبر. وأما الركن الثاني، هو العاقد، فيشترط في الملتزم للجعل مالكا كان أو غيره أن يكون مطلق التصرف، فلا يصح من صبي ومجنون ومحجور سفه. وأما العامل فإن كان معينا اشترط فيه أهلية العمل فيدخل فيه العبد وغير المكلف بإذن وغيره كما قاله السبكي خلافا لابن الرفعة في العبد إذا لم يأذن له سيده. ويخرج عنه العاجز عن العمل كصغير لا يقدر عليه، لأن منفعته معدومة فأشبه استئجار الأعمى للحفظ، قاله ابن العماد. وإن كان مبهما كفى علمه بالنداء. قال الماوردي هنا: لو قال: من جاء بآبقي فله دينار، فمن جاء به استحق من رجل أو امرأة أو صبي أو عبد عاقل أو مجنون إذا سمع النداء أو علم به، لدخولهم في عموم قوله: من جاء. وهذا هو المعتمد خلافا لما قاله في السير من عدم استحقاق الصبي والعبد إذا قام به بغير إذن سيده. ثم شرع في الركن الثالث وهو العمل، فقال: (وتصح) الجعالة (على عمل مجهول) كرد آبق للحاجة، ولان الجهالة إذا احتملت في القرض لحصول زيادة فاحتمالها في رد الحاصل أولى. فإن قيل: إن هذا قد علم من تمثيله أول الباب برد الآبق. أجيب بأن ذكره هنا لضرورة التقسيم وأطلق تبعا للرافعي صحتها على المجهول، وهو مخصوص كما قال ابن الرفعة تبعا للقاضي حسين بما عسر علمه كما مر، فإن سهل تعين ضبطه إذ لا حاجة إلى احتمال الجهالة، ففي بناء حائط يبين طوله وعرضه وارتفاعه وموضعه وما يبنى عليه، وفي الخياطة يعتبر وصف الثوب والخياطة.
(وكذا) كل عمل (معلوم) يقابل بأجرة كالخياطة والبناء تصح الجعالة عليه، (في الأصح) لأنه إذا جاز مع الجهالة فمع العلم أولى. والثاني: المنع استغناء بالإجارة. وسواء في العمل الواجب وغيره، فلو حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429