مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٤
يؤثر موت الأصل بعد، لأن التبعية إنما تثبت في ابتداء السبي. (ولو سباه ذمي) وحمله كما قال البغوي إلى دار الاسلام، أو مستأمن كما قاله الدارمي، (لم يحكم بإسلامه في الأصح) لأن كونه من أهل دار الاسلام لم يؤثر فيه ولا في أولاده فكيف يؤثر في مسبيه ولان تبعية الدار إنما تؤثر في حق من لا يعرف حاله ولا نسبه، نعم هو على دين سابيه كما ذكره الماوردي وغيره. والثاني: يحكم بإسلامه تبعا للدار.
تنبيه: استشكل حكاية المصنف الخلاف بأن الذمي إذا انفرد بأخذه بأن سرقه وقلما يختص به ولا يخمس فينبغي القطع بالأصح، وإن قلنا إنه غنيمة للمسلمين وهو المذهب ويد الذمي نائبة عنهم، فينبغي القطع بإسلامه، وجوز ابن الرفعة جريان الخلاف في هذه الحالة لتعارض يده وحقهم. ولو سباه مسلم وذمي حكم بإسلامه تغليبا لحكم الاسلام، ذكره القاضي وغيره. ولو سبى الذمي الصبي أو المجنون وباعه لمسلم، أو باعه المسلم الذي سباه مع أحد أبويه في جيش واحد ولو دون أبويه من مسلم، لم يتبع المشتري لفوات وقت التبعية، لأنها إنما تثبت ابتداء. ولو بلغ المحكوم بإسلامه تبعا للسابي ووصف كفرا كان كالمحكوم بإسلامه تبعا لاحد أصوله. ولو جنى اللقيط بإسلامه خطأ أو شبه عمد فموجبها في بيت المال إذ ليس له عاقلة خاصة، أو عمدا وهو بالغ عاقل اقتص منه وإلا فالدية مغلظة في ماله كضمان ماله أتلفه، فإن لم يكن مال ففي ذمته. وإن قتل خطأ أو شبه عمد ففيه دية كاملة عملا بظاهر الحرية توضع في بيت المال، وأرش طرقه له. وإن قتل عمدا فللإمام أن يعفو على مال لا مجانا لأنه خلاف مصلحة المسلمين، أو يقتص لا بعد البلوغ وقبل الافصاح بالاسلام، بل تجب ديته كما صححه المصنف وصوبه في المهمات، ويقتص لنفسه في الطرف إن أفصح بالاسلام بعد بلوغه فيحبس قاطعه قبل البلوغ له إلى البلوغ والإفاقة، ويأخذ الولي ولو حاكما لا وصي الأرش لمجنون فقير لا لغني ولا لصبي غني أو فقير، فلو أفاق المجنون وأراد رد الأرش ليقتص منه منع. ولما فرغ المصنف من إسلام التبعية شرع في إسلام المباشر فقال: (ولا يصح إسلام صبي مميز استقلالا على الصحيح) المنصوص في القديم والجديد كما قاله الإمام، لأنه غير مكلف فأشبه غير المميز والمجنون وهما لا يصح إسلامهما اتفاقا كما سيأتي، ولان نطقه بالشهادتين إما خبر وإما إنشاء، فإن كان خبرا فخبره غير مقبول، وإن كان إنشاء فهو كعقوده وهي باطلة. والثاني: يصح إسلامه حتى يرث من قريبه المسلم، لأنه (ص) دعا عليا رضي الله تعالى عنه إلى الاسلام قبل بلوغه فأجابه، ولأنه لا يلزم من كونه غير مكلف به أنه لا يصح منه كالصلاة والصوم وسائر العبادات، قال المرعشي: وهو الذي أعرفه في مذهب الشافعي. وأجاب الأول عن قصة علي رضي الله تعالى عنه بأنه كان بالغا عند إسلامه كما نقله القاضي أبو الطيب عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه، فعلى تقدير ثبوته فلا كلام، وعلى عدم تقديره فقد ذكر البيهقي في المعرفة أن الأحكام إنما صارت معلقة بالبلوغ بعد الهجرة، قال السبكي: وهو صحيح لأن الأحكام إنما أنيطت بخمسة عشر عام الخندق، فقد تكون منوطة قبل ذلك بسن التمييز: والقياس على الصلاة ونحوها لا يصح لأن الاسلام لا ينتفل به، وعلى هذا يحال بينه وبين أبويه الكافرين لئلا يفتنوه، وهذه الحيلولة مستحبة على الصحيح في الشرح والروضة هنا فيتلطف بوالديه ليؤخذ منهما، فإن أبيا فلا حيلولة، وقيل: إنها واجبة، واختاره السبكي، احتياطا للاسلام. ولا تمنعه من الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات كما قاله الزركشي أخذا من كلام الشافعي. ويدخل بإسلامه الجنة إذا أسره كما أظهره، ويعبر عنه بصحة إسلامه باطنا لا ظاهرا، أي بالنسبة إلى الآخرة دون الدنيا. فإن بلغ ثم وصف الكفر هدد وطولب بالاسلام، فإن أصر رد إليهما.
واحترز المصنف بالمميز عن غيره من صبي ومجنون فلا يصح إسلامهما قطعا وأنه يصح إسلام المكلف بالنطق للناطق والإشارة للعاجز عن النطق قطعا، وكالمكلف المتعدي بسكر. وفي أطفال الكفار إذا ماتوا ولم يتلفظوا بالاسلام خلاف منتشر، والأصح أنهم يدخلون الجنة، لأن كل مولود يولد على الفطرة، فحكمهم حكم الكفار في الدنيا، فلا يصلى عليهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، وحكمهم حكم المسلمين في الآخرة لما مر.
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429