مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢١
ليس تصرفا ولا سكنى. وقضية هذا التعليل أنه إذا كان يسكن عادة يكون كالدار. ولا يحكم له بضيعة وجد فيها كما قال في الروضة: ينبغي القطع بأنه لا يحكم له بها.
تنبيه: المراد بكون ما ذكر له صلاحية التصرف فيه ودفع المنازع له لا أنه طريق للحكم بصحة ملكه ابتداء، فلا يسوغ للحاكم بمجرد ذلك أن يقول ثبت عندي أنه ملكه، نبه على ذلك الزركشي. (وليس له) أي اللقيط (مال مدفون) ولو كان (تحته) وفيه رقعة مكتوب فيها أن الدفين له، لأن الكبير العاقل لو كان جالسا على أرض تحتها دفين لم يحكم له به، وحكم هذا المال إن كان من دفين الجاهلية فركاز وإلا فلقطة. نعم إن حكم بأن المكان له فهو له مع المكان كما صرح به الدارمي وغيره. قال الأذرعي: ولو وجد خيط متصل بالدفين مربوط ببعض بدنه أو ثيابه وجب الجزم بأنه يقضى له به، ولا شك فيه إذا انضمت الرقعة إليه. (وكذا ثياب وأمتعة) ودابة (موضوعة بقربه) ليست له (في الأصح) لأن يده لا تثبت إلا على ما اتصل به، بخلاف الموجود بقرب المكلف فإنه يحكم بملكه له، لأن له رعاية. والثاني: أنها له عملا بالظاهر.
وعلى الأول لو حكم بأن المكان له كان ذلك له مع المكان كما يؤخذ مما مر، وصرح به المصنف في نكته. وخرج بقربه البعيدة عنه فلا تكون له جزما.
تنبيه: لم يتعرضوا لضبط القرب، قال السبكي: والمحال عليه فيه العرف. (فإن لم يعرف له) أي اللقيط (مال) عام ولا خاص (فالأظهر أنه ينفق عليه من بيت المال) من سهم المصالح بلا رجوع كما صرح به في الروضة، لأن عمر رضي الله تعالى عنه استشار الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، فأجمعوا على أنها في بيت المال، وقياسا على البالغ المعسر بل أولى. والثاني:
المنع، بل يقترض عليه من بيت المال أو غيره لجواز أن يظهر له مال. (فإن لم يكن) في بيت المال شئ أو كان وثم ما هو أهم من ذلك كسد ثغر يعظم ضرره لو ترك أو حالت الظلمة دونه اقترض له الإمام من المسلمين في ذمة اللقيط كالمضطر إلى الطعام، فإن تعذر الاقتراض (قام المسلمون بكفايته قرضا) بالقاف بخطه، حتى يثبت لهم الرجوع بما أنفقوا على اللقيط ويقسطها الإمام على الأغنياء منهم ويجعل نفسه منهم، فإن تعذر استيعابهم لكثرتهم قسطها على من رآه منهم باجتهاده، فإن استووا في اجتهاده تخير، فإن ظهر له سيد رجعوا عليه، أو ظهر له إذا كان حرا مال أو اكتسبه فالرجوع عليه، أو قريب رجع عليه. فإن قيل: نفقة القريب تسقط بمضي الزمان فكيف يطالب بها قريبه؟ أجيب بأن النفقة وقعت قرضا بإذن الحاكم والحاكم إذا اقترض النفقة على من تلزمه ثبت الرجوع بها، ولا تسقط بمضي الزمان كما صرح به المصنف وغيره في بابها، فإن لم يظهر له مال ولا قريب ولا كسب ولا للرقيق سيد فالرجوع على بيت المال من سهم الفقراء أو الغارمين بحسب ما يراه الإمام. وإن حصل في بيت المال شئ قبل بلوغه ويساره قضي منه، وإن حصل له مال مع بيت المال معا فمن ماله، وسواء فيما ذكر اللقيط المحكوم بإسلامه أم بكفره على الأصح، وإن صحح في الكفاية خلافه تبعا للماوردي.
(وفي قول) يقوم المسلمون بكفايته (نفقة) لأنه محتاج عاجز، وإن قام بها بعضهم اندفع الحرج عن الباقين.
تنبيه: قوله: قرضا ونفقة منصوبان بنزع الخافض، أي بالقرض والنفقة، أو على التمييز، أي من جهة القرض والنفقة. (وللملتقط الاستقلال بحفظ ماله) أي اللقيط، (في الأصح) لأنه مستقل بحفظ المالك فماله أولى، ومحله كما قال الأذرعي في العدل الذي يجوز إيداع مال اليتيم عنده. والثاني: يحتاج إلى إذن القاضي. وعلى الأول ليس له مخاصمة من نازعه فيه إلا بولاية من الحاكم. (ولا ينفق عليه منه) أي من مال اللقيط، (إلا بإذن القاضي) لأن ولاية المال لا تثبت لقريب غير الأب والجد فالأجنبي أولى، فإن أنفق بغير إذنه ضمن. وقوله: (قطعا) تبع فيه الإمام، وليس في الروضة وأصلها بل فيهما وجه حكاه ابن كج أنه إن أنفق بغير إذنه لم يضمن، ومقتضاه أن إذن القاضي ليس شرطا، وقد حكى
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429