مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١٤
التعريف السابق، إذ الحظ لمالكها فقط. (بل يرتبها القاضي من بيت المال) قال ابن الرفعة: قرضا وقال الأذرعي:
الأقرب أنه إنفاق، ويدل له قول المصنف: (أو يقترض على المالك) وهذا هو الذي يدل عليه كلام الأصحاب. أما إذا قلنا لا يجب التعريف فالملتقط متبرع إن عرف، وللقاضي أن يأمر الملتقط بصرف المؤنة من ماله ليرجع على المالك أو يبيع بعضها إن رآه كما لو هرب الجمال. (وإن أخذ) اللقطة (لتملك) وجب عليه تعريفها جزما كما مر، و (لزمته) مؤنة التعريف، سواء أتملكها أم لا لأن الحظ له. (وقيل: إن لم يتملك) أي اللقطة كأن ظهر مالكها، (فعلى المالك) لعود الفائدة إليه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه إذا تملك ثم ظهر المالك ورجع فيها لم يجئ هذا الوجه. وتعبير الروضة والشرحين بظهور المالك يشمل ظهوره بعد التملك، قال السبكي: وهو أحسن، فإنه متى ظهر قبل التملك أو بعده رجع على هذا الوجه، قال: فلو قال المنهاج وقيل إن ظهر المالك فعليه لكان أخلص اه‍. وكالتملك قصد الاختصاص وقصد الالتقاط للخيانة. وما ذكره المصنف هو في مطلق التصرف، أما لو التقط محجور عليه بسفه أو صبي أو جنون فليس لوليه إخراج مؤنة التعريف من ماله كما مرت الإشارة إليه، بل يرفع الامر إلى الحاكم فيبيع جزءا من اللقطة المؤنة التعريف، وإن قال الأذرعي في النفس منه شئ. (والأصح أن الحقير) أي القليل المتمول ولا يقدر بشئ في الأصح، بل ما هو ما يغلب على الظن أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له غالبا لأن ذلك دليل على حقارته. وقدر بالدينار وقدر بالدرهم كما في التنبيه لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به وقدر بما لا تقطع فيه يد السارق. (لا يعرف سنة) لأن فاقده لا يدوم على طلبه سنة بخلاف الخطير. والثاني: يعرف سنة لعموم الاخبار ولأنها جهة من جهات التملك فاستوى فيها القليل والكثير. قال الأذرعي: وهذا هو المذهب المنصوص وقول الجمهور، قال: ويشكل على ترجيح الرافعي الفرق بين الحقير وغيره قوله: إن الأكثر قالوا إن ما ليس بمال كالكلب الذي فيه منفعة يقتنى لها يعرف سنة ثم يختص به اه‍. وهذا ليس بمشكل لأن الكلب ونحوه من الاختصاصات يكثر عليه الأسف، فإن فرض قلته عليه فهو داخل في قول المصنف: (بل) الأصح يعرفه (زمنا يظن أن فاقده يعرض عنه غالبا) ويختلف ذلك باختلاف المال، وأما غيره فسيأتي الكلام عليه، قال الروياني: فدانق الفضة يعرف في الحال، ودانق الذهب يوما أو يومين أو ثلاثة.
تنبيه: عبارة الروضة والشرحين: مدة يظن في مثلها طلب فاقدها، فإذا غلب على الظن إعراضه سقط، وهذه العبارة ظاهرة. فإن قيل، كان ينبغي للمصنف أن يقول: لا يعرض أو يقول: إلى زمن. أجيب بأن لا تقدر في الكلام الفصيح كما قدرت في قوله تعالى: * (وعلى الذين يطيقونه فدية) * كما عليه أكثر المفسرين، وبأن زمنا منصوب عطفا على سنة، أي لا يعرفها إلى سنة بل إلى زمن إلخ، لأن بل لا تعطف الجمل، بل هي معها حرف ابتداء، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الطهارة عند قول المصنف: بل يخلطان. ومقابل الأصح يكفي مرة، لأنه يخرج بها عن حد الكتمان، وقيل: لا يجب تعريف القليل أصلا. أما ما لا يتمول كحبة بر وزبيبة لم يجب تعريفه ويستبد به واجده، فقد قيل إن عمر رضي الله تعالى عنه سمع رجلا ينشد في الطواف زبيبة، فقال: إن من الورع ما يمقته الله، ومر (ص) مرة بتمرة في الطريق فقال: لولا أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها. ولكن هل يزول ملك صاحبه عنها إذا وقع؟ فيه وجهان في الوافي، والأصح أن ملكه لا يزول بذلك بدليل ما قالوه فيما لو حمل السيل حبة أو نواة إلى أرض غيره فإنه يلزمه قلعها، وإن أعرض عنها فهي لمالك الأرض، فعلم أنه لا يزول ملكه إلا بالاعراض. فإن قيل: إذا لم يزل ملكه إلا بالاعراض فكيف يستبد به واجده؟ أجيب بأن هذا من المباح المستفاد بالعادة كالشرب من الأنهار، وأما التقاط السنابل ونحوها في وقت الحصاد فيجوز إذا ظن إعراض المالك عنها أو ظن رضاه بأخذها، وإلا فلا. ولا
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429