مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١٢
المصنف في شرح مسلم، وقال في زيادة الروضة إنه الأقوى المختار، وفي كلام المصنف إشارة إليه بعزوه عدم التعريف إلى الأكثرين ولم يقل على الأصح كعادته، وقال الأذرعي: الصحيح الوجوب لأن كتمانها يفوتها على صاحبها. فإن قيل: مالكها ينشدها فيعلم به آخذها للحفظ. أجيب بأنها قد تسقط من عابر سبيل وممن لا يمكنه ذلك لعارض مرض أو جنون أو حبس أو موت أو غيرها، وإن أراد التخلص من تعب التعريف دفعها إلى حاكم أمين، وإذا عرفها ثم بدا له قصد التملك عرفها سنة من يومئذ، ولا يعتد بما عرفه قبل على الأصح سواء قلنا بوجوب التعريف أم لا. (فلو قصد بعد ذلك) الاخذ الذي للحفظ أبدا، وكذا بعد الاخذ للتملك، (خيانة) فيما التقطه (لم يصر) بمجرد قصد الخيانة (ضامنا في الأصح) حتى يتحقق ذلك القصد بالفعل كالمودع. والثاني: يضمن. وخرج بقصد ما لو فعل الخيانة فإنه يصير ضامنا أو جزما.
تنبيه: متى صار الملتقط ضامنا في الدوام بحقيقة الخيانة أو بقصدها ثم أقلع وأراد أن يعرفها ويتملك كان له ذلك على الأصح في أصل الروضة وبه جزم القاضي الحسين، وهذا بخلا ف ما إذا قصد الخيانة ابتداء كما قال: (وإن أخذه بقصد الخيانة فضامن) عملا بقصد المقارن لفعله، (وليس له بعده) أي الاخذ خيانة (أن يعرف ويتملك) بعد التعريف، (على المذهب) نظرا للابتداء كالغاصب. وفي وجه من الطريق الثاني: له ذلك نظرا لوجود صورة الالتقاط، ولو سلمها للحاكم برئ من الضمان كما هو شأن الغاصب. (وإن أخذ ليعرف ويتملك) بعد التعريف، (فأمانة مدة التعريف كالمودع (وكذا بعدها ما لم يختر التملك في الأصح) كما قبل مدة التعريف. والثاني وبه قال الإمام والغزالي: تصير مضمونة عليه إذا كان غرم التملك مطردا كالمستام. وفرق الأول بأن المستام مأخوذ لحظ آخذه حين أخذه بخلاف اللقطة.
تنبيه: بقي من أحوال المسألة ما إذا أخذ لا بقصد خيانة ولا أمانة أو بقصد أحدهما ونسيه، وحكمهما أن لا تكون مضمونة وله التملك بشرطه اتفاقا، قاله الإمام وتابعاه. (ويعرف) الملتقط، بفتح الياء بخطه من المعرفة وهي العلم، (جنسها) أي اللقطة من قد أو غيره، ونوعها من كونها أشرفية أو فلورية، (وصفتها) من صحة وتكسر ونحوهما، وقدرها) بكيل أو وزن أو ذرع أو عد، (وعفاصها) بكسر العين بخطه، وهو الوعاء من جلد وغيره، قال الخطابي:
وأصله الجلد الذي يلبس رأس القارورة ثم أطلق على الوعاء توسعا. (ووكاءها) بكسر الواو والمد بخطه، وهو ما يربط به من خيط أو غيره لخبر زيد السابق، وقيس بما فيه غيره، وليعرف صدق واصفها، وهذه المعرفة تكون عقب الاخذ كما قاله المتولي وغيره، وهي سنة كما قاله الأذرعي وغيره، وهو المعتمد كما هو قضية كلام الجمهور، وفي الكافي أنها واجبة، وجرى عليه ابن الرفعة. ويندب كتب الأوصاف، قال الماوردي: وأنها التقطها في وقت كذا. (ثم يعرفها) بضم أوله وكسر ثالثه المشدد من التعريف، وهذا واجب إن قصد التملك قطعا وإلا فعلى ما سبق. ويستثنى من التعريف كما قاله المصنف في نكته تبعا للجيلي ما لو كان السلطان ظالما بحيث يعلم أو يغلب على الظن أنه إذا عرفها أخذها فلا يجوز التعريف حينئذ، بل تكون أمانة في يده، وقضيته أنه لا يتملك بعد السنة، وهو كذلك كما صرح به الغزالي في فتاويه، وإن كان مقتضى كلام ابن الصباغ أنه يتملك بعدها.
تنبيه: أفهم قوله: ثم يعرفها أمرين: أحدهما أن المبادرة بالتعريف عقب الالتقاط لا تجب، وهو كذلك على الأصح في أصل الروضة، وقال البلقيني: محل: جواز التأخير ما لم يغلب على ظن الملتقط أنه يفوت معرفة المالك بالتأخير، فإن غلب على ظنه ذلك وجب البدار ولم يتعرضوا له اه‍. وهذا ظاهر. وإذا لم يوجب المبادرة ينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يؤرخ وجدان اللقطة في تعريفه ويسنده إلى وقته حتى يكون ذلك في معاوضة ما جرى من التأخير المنسي. الثاني:
أنه يتعين تعريفها بنفسه، وليس مرادا بل له ذلك بمأذونه أيضا ولكن لا يسلمها له. ويشترط كون المعرف عاقلا غير
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429