مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠٧
ويكره تركه كما قاله المتولي وغيره لئلا يقع فيد خائن، وإنما لم يجب لأنها أمانة أو كسب، وكل منهما لا يجب ابتداء. (وقيل يجب) عليه، ونص عليه في الام والمختصر، صيانة للمال عن الضياع. وقال ابن سريج: إن غلب على ظنه ضياعه وجب وإلا فلا. وحمل النصين على ذلك، واختاره السبكي، وقال: لا يتحقق القول بعدم الوجوب في هذه الصورة عن أحد والنقل أمانة، فإنا لو سئلنا عمن قال به لم نجد من ننقله عنه. (ولا يستحب) الالتقاط قطعا (لغير واثق) بأمانة نفسه في المستقبل وهو في الحال آمن خشية الضياع أو طرو الخيانة. (و) لكن (يجوز) له الالتقاط (في الأصح) لأن خيانته لم تتحقق والأصل عدمها، وعليه الاحتراز. والثاني: لا يجوز خشية استهلاكها.
تنبيه: أفهم كلامه كغيره حرمة الالتقاط لمن علم من نفسه الخيانة، وبه صرح ابن سراقة فقال: يحرم عليه أخذها، وقد صرحوا به في نظيره من الوديعة. (ويكره) الالتقاط تنزيها كما عزاه في الروضة وأصلها للجمهور، (لفاسق) لئلا تدعوه نفسه إلى الخيانة، وقيل: تحريما كما في البسيط، قال الرافعي: وهو شاذ أو مؤول. واعترض بأنه ظاهر كلام كثير من العراقيين. (والمذهب أنه لا يجب الاشهاد على الالتقاط) كالوديعة، سواء أكان لتملك أم حفظ كما يقتضيه كلام الرافعي، لكن يسن، وقيل، يجب لحديث أبي داود: من التقط فليشهد ذا أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب، وحمله الأول على الندب. والطريق الثاني: القطع بأنه لا يجب. ويذكر في الاشهاد بعض صفات اللقطة ليكون في الاشهاد فائدة وفائدته أنه ربما طمع فيها بعد ذلك، فإذا أشهد أمن، ولا يستوعبها لئلا يتوصل إليها كاذب، بل يصفها للشهود بأوصاف يحصل بالاشهاد بها فائدة، ويكره استيعابها كما ذكره القمولي عن الإمام، وجزم به صاحب الأنوار.
تنبيه: محل استحباب الاشهاد إذا لم يكن السلطان ظالما يخشى أنه إذا علم بها أخذها، وإلا فيمتنع الاشهاد، وكذا التعريف كما جزم به المصنف في نكت التنبيه. ثم شرع في الركن الثاني والمغلب فيه الاكتساب لا الولاية، لأنه مآل الامر كما مر، فقال: (و) المذهب (أنه يصح التقاط الفاسق) والمرتد إن قلنا لا يزول ملكه، وهو الأصح، والسفيه (والصبي) والمجنون (والذمي في دار الاسلام) وفي معناه المستأمن والمعاهد كما بحثه الزركشي، كاصطيادهم واحتطابهم.
وشرط الإمام في صحة التقاط الصبي التمييز، قال الأذرعي، ومثله المجنون. والطريق الثاني: تخريجه على أن المغلب في اللقطة الاكتساب فيصح، أو الولاية والأمانة فلا يصح. قال الأذرعي: والمراد بالفاسق الذي يوجب فسقه حجرا عليه في ماله اه‍.
والظاهر أنه لا فرق. قال الزركشي: لا يقال إن مسألة الفاسق مكررة مع قوله قبله ويكره لفاسق، فإن المراد بالصحة هنا أن أحكام اللقطة هل يثبت له وأن معناه الاخذ، أما التقاط الذمي بدار الكفار فلا يجري عليه حكمنا. وخرج به الحربي يجدها في دار الاسلام فإنها تنزع منه بلا خلاف، أي ومن أخذها منه كان له تعريفها وتملكها كما هو ظاهر كلامهم، وقيل: تكون غنيمة للمسلمين، قال المحاملي. وأما المرتد فترد لقطته على الإمام وتكون فيئا إن مات مرتدا فإن أسلم فحكمه كالمسلم. (ثم الأظهر أنه) أي الملتقط (ينزع) أي ينزعه القاضي (من الفاسق ويوضع عند عدل) لأن مال ولده لا يقر في يده فكيف مال الأجانب. والثاني: لا، لأن له حق التملك، أي إن أمنت غائلته، ولكن يضم إليه عدل مشرف، وأجرة العدل على القولين في بيت المال كما في الأنوار تبعا للدارمي، فإن لم يكن فمن الواجد الفاسق. (و) الأظهر (أنه لا يعتمد تعريفه بل يضم إليه) عدل (رقيب) خشية من التفريط في التعريف. والثاني: يعتمد من غير رقيب لأنه الملتقط. قال في الكفاية: ومؤنة التعريف عليه على القولين. وظاهر كلام الرافعي أن الفاسق يعرف والعدل يراقبه، وفي الكفاية عن الماوردي أن الأمين هو الذي يعرف. وقال القاضي أبو الطيب والمحاملي وغيرهما: يجتمعان على التعريف، ويمكن حمل ذلك عليه، وإذا تم التعريف فللملتقط التملك على كل قول. قال الماوردي: ويشهد عليه الحاكم بغرمها إذا جاء صاحبها وإذا لم يتملكها تركت بيد الأمين.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429