مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠٢
الأصول بجامع أن لكل ولادة كما في النفقة وحصول العتق وسقوط القود. والثاني: لا رجوع لغير الأب، مستدلا بالحديث المتقدم، وقصر الوالد على الأب وعممه الأول. وعبد الولد غير المكاتب كالولد، لأن الهبة لعبد الولد هبة للولد بخلاف عبده المكاتب لأنه كالأجنبي. نعم انفسخت الكتابة فقد بان بآخر الامر أن الملك للولد فهو كهبة اثنين لو تنازعا فيه ثم ألحق بأحدهما فإنه يرجع لثبوت بنوته، وهبته لمكاتب نفسه كالأجنبي. ولو وهب شيئا لولده ثم مات ولم يرثه الولد لمانع قام به، ورثه جد الولد ولم يرجع في الهبة الجد الحائز للميراث لأن الحقوق لا تورث وحدها إنما تورث بتبعية المال وهو لا يرثه. ويكره للوالد أن يرجع في هبته لأولاده إن عدل بينهم إلا لمصلحة، كأن يستعينوا بما أعطاه لهم على معصية وأصروا عليها بعد إنذاره بالرجوع من غير سبب كالهبة ولا لأن الخبر ورد في الاعطاء؟ وجهان حكاهما في البحر، أوجههما الكراهة.
نبيه: محل الرجوع فيما إذا كان الولد حرا، أما الهبة لولده الرقيق فهبة لسيده كما علم مما مر، ومحله أيضا في هبة الأعيان. أما لو وهب ولده دينا له عليه فلا رجوع له جزما، سواء أقلنا إنه تمليك أم إسقاط، إذ لا بقاء للدين، فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف. (وشرط رجوعه) أي الأب أو أحد سائر الأصول (بقاء الموهوب في سلطنة) أي ولاية (المتهب) وهو الولد، ويدخل في السلطنة ما لو أبقى الموهوب أو غصب فيثبت الرجوع فيهما، ويخرج بها ما لو جنى الموهوب أو أفلس المتهب وحجر عليه فيمتنع الرجوع فيهما. نعم إن قال: أنا أؤدي أرش الجناية وأرجع مكن في الأصح. فإن قيل:
سيأتي أنه لو رهنه وقبضه المرتهن وقال، أنا أبذل قيمته وارجع لم يمكن، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنه لا يؤمن من خروج دراهمه مستحقة فيفوت الرهن لأنه فسخ العقد ولا يقع موقوفا، بخلاف بذل الأرش لأنه ليس بعقد فجاز أن يقع موقوفا، فإن سلم ما بذله وإلا رجع إليه، وأيضا لما في الرجوع بعد الرهن إبطال تصرف المتهب، نعم له أن يفديه بكل الدين لأن له أن يقضي دين الأجنبي لكن بشرط رضا الغريم. وخرج بحجر الفلس حجر السفه فلا يمنع الرجوع لأنه لم يتعلق به حق غيره. ويمتنع أيضا الرجوع في صور ذكر المصنف بعضها في قوله: (فيمتنع) الرجوع في الموهوب بزوال السلطنة، سواء أزالت بزوال ملكه عنه (ببيعه) كله (ووقفه) وعتقه ونحو ذلك أم لا، كأن كاتب الموهوب أو استولد الأمة، أما لو خرج عن ملكة بعضه فله الرجوع في الباقي.
تنبيه: قضية كلامهم امتناع الرجوع لبيع وإن كان البيع من أبيه الواهب، وهو كما قال شيخنا ظاهر، (لا برهنه و) لا (هبته قبل القبض) فيهما لبقاء السلطنة. وقياس هذا أنه لو باعه بشرط الخيار له أولهما ثبوت الرجوع لبقاء سلطنته لأن الملك له وهو ظاهر، أما بعد القبض فلا رجوع له لزوالها. (و) لا (تعليق عتقه) ولا تدبيره (و) لا (تزويجها) الجارية (و) لا زراعتها) أي الأرض، فلا يمتنع الرجوع بكل منها لبقاء السلطنة. (وكذا الإجارة لا تمنع الرجوع (على المذهب) لأن العين باقية بحالها ومورد الإجارة المنفعة، وعلى هذا فالإجارة بحالها يستوفي المستأجر المنفعة، ومقابل المذهب قول الإمام لم يصح بيع المؤجر ففي الرجوع تردد.
تنبيه: يستثنى من الرجوع مع بقاء السلطنة ما إذا منع مانع من الرجوع، وذلك في صور: منها لما لو جن الأب فإنه لا يصح رجوعه حال جنونه، ولا رجوع لوليه، بل إذا أفاق كان له الرجوع، ذكره القاضي أبو الطيب.
ومنها ما لو أحرم والموهوب صيد فإنه لا يرجع في الحال، لأنه لا يجوز إثبات يده على الصيد في حال الاحرام. ومنها ما لو ارتد الولد وفرعنا على وقف ملكه فإنه يرجع لأن الرجوع لا يقبل الوقف كما لا يقبل التعليق، فلو حل، أي من إحرامه، أو عاد إلى الاسلام والموهوب باق على ملك الولد رجع، ولو وهب لولده شيئا ووهبه الولد لولده لم يرجع الأول في الأصح لأن الملك غير مستفاد منه، ولو باعه من ابنه أو انتقل بموته إليه لم يرجع الأب قطعا لأنه لا رجوع له فالأب أولى، ولو وهبه لولده فوهبه الولد لأخيه من أبيه لم يثبت للأب الرجوع، لأن الواهب لا يملك الرجوع فالأب
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429