مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١١
التقاط العبد غير المميز مشكلة لما سيأتي في باب اللقيط أن من لا يعرف رقه ولا حريته أنه محكوم بحريته، فكيف يلتقط وإن عرف رقه ببينة عر ف مالكه، فكيف صورة المسألة؟ أجيب بأن الرق يعرف بعلامة كعلامة الحبشة والزنج أو أنه عرف رقه وجهل مالكه ثم وجده ضالا، وكذلك يأتي هذا في معرفة كون الأمة مجوسية.
تنبيه: خرج بقول المصنف، عبدا الأمة، فإنها إن حلت للملتقط لم يجز أن يلتقطها للتملك بل للحفظ، وإن لم تحل له كمجوسية ومحرم جاز له التقاطها، وقد مرت الإشارة إلى ذلك. ويؤخذ من كلامهم أن في التقاط الرقيق الخصلتين الأولتين، وينفق عليه مدة الحفظ من كسب، فإن لم يكن له كسب فعلى ما مر آنفا في غير الرقيق. وإذا بيع ثم ظهر المالك وقال: كنت أعتقته قبل قوله وحكم بفساد البيع على الأظهر في الشرح والروضة. والتقييد بالعتق قد يوهم عدم تصديقه فيما عداه كالبيع والهبة لأجل ما يتخيل من قوة العتق، وليس مرادا بل سائر التصرفات المزيلة للملك كذلك كما ذكراه قبيل الصداق. ثم شرع في النوع الثاني، فقال: (و) أن (يلتقط غير الحيوان) وهو الجماد، سواء أكان مالا كالنقود والثياب أم غير مال كجلد ميتة لم يدبغ وخمر محترمة للاختصاص أو الحفظ. (فإن كان) مما (يسرع فساده كهريسة) وعنب لا يتزبب ورطب لا يتتمر تخير آخذه بين خصلتين، (فإن شاء باعه) استقلالا إن لم يجد حاكما وبإذنه إن وجده، أخذا مما مر. (وعرفه) أي المبيع بعد بيعه (ليتملك ثمنه) بعد التعريف ولا يعرف الثمن وهذه الخصلة أولى من الخصلة المذكورة في قوله: (وإن شاء تملكه في الحال وأكله) وغرم قيمته سواء أوجده في مفازة أم عمران. (وقيل: إن وجده في عمران وجب البيع) لتيسره أو امتنع الاكل، وهو قياس ما سبق في الشاة من تصحيح منع الاكل، ومنهم من قطع بالأول. وفرق بينه وبين الشاة بأن الطعام قد يفسد قبل أن يظفر بالمشتري فتمس الحاجة إلى أكله، وإذا جوزنا الاكل فأكل وجب التعريف في العمران بعده. وإن كان في الصحراء، قال الإمام: فالظاهر أنه لا يجب، وقد مر الكلام فيه، ولا يجب إفراز القيمة المغرومة من ماله، نعم لا بد من إفرازها عند تملكها لأن ملك الدين لا يصح، قاله القاضي. (وإن أمكن بقاؤه) أي ما يسرع فساده، لكن (بعلاج) فيه (كرطب يتجفف) أي يمكن تجفيفه ولبن يصير أقطا، (فإن كانت الغبطة في بيعه بيع) جميعه بإذن الحاكم إن وجده، وإلا استقلالا كما يؤخذ مما مر. (أو) كانت الغبطة (في تجفيفه وتبرع به الواجد) له أو غيره (جففه) لأنه مال غيره فروعي فيه المصلحة كولي اليتيم. (وإلا بيع بعضه) بقدر ما يساوي التجفيف، (لتجفيف الباقي) طلبا للاحظ. وخالف هذا الحيوان حيث بيع جميعه لأن نفقته تتكرر فيؤدي إلى أن يأكل نفسه.
تنبيه: قوله: الواجد ليس بقيد كما تقرر، وظاهر كلامه أن مراعاة الأغبط واجبة، وكلام الأصحاب مصرح به.
قال الأذرعي: والأقرب أنه لا يستقل بعمل الأغبط في ظنه بل يراجع القاضي، فإن استوى الأمران بيع كما بحثه بعض المتأخرين لما في البيع من قلة الكلفة. (ومن أخذ لقطة للحفظ أبدا) وهو أهل لذلك، (فهي أمانة) في يده، وكذا درها ونسلها لأنه يحفظها لمالكها فأشبه المودع. (فإن دفعها إلى القاضي لزمه القبول) حفظا لها على صاحبها، وكذا من أخذ للتملك ثم بدا له، فإن أراد دفعها إلى الحاكم يلزمه القبول بخلاف الوديعة من غير ضرورة لا يلزمه القبول لقدرة المودع على الرد إلى المالك. (ولم يوجب الأكثرون) من الأصحاب (التعريف والحالة هذه) وهي أخذ اللقطة للحفظ أبدا، لأن الشرع إنما أوجبه لما جعل له التملك بعده. ورجح الإمام والغزالي وغيرهما وجوبه، وهذا هو المعتمد كما صححه
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429