التقاط العبد غير المميز مشكلة لما سيأتي في باب اللقيط أن من لا يعرف رقه ولا حريته أنه محكوم بحريته، فكيف يلتقط وإن عرف رقه ببينة عر ف مالكه، فكيف صورة المسألة؟ أجيب بأن الرق يعرف بعلامة كعلامة الحبشة والزنج أو أنه عرف رقه وجهل مالكه ثم وجده ضالا، وكذلك يأتي هذا في معرفة كون الأمة مجوسية.
تنبيه: خرج بقول المصنف، عبدا الأمة، فإنها إن حلت للملتقط لم يجز أن يلتقطها للتملك بل للحفظ، وإن لم تحل له كمجوسية ومحرم جاز له التقاطها، وقد مرت الإشارة إلى ذلك. ويؤخذ من كلامهم أن في التقاط الرقيق الخصلتين الأولتين، وينفق عليه مدة الحفظ من كسب، فإن لم يكن له كسب فعلى ما مر آنفا في غير الرقيق. وإذا بيع ثم ظهر المالك وقال: كنت أعتقته قبل قوله وحكم بفساد البيع على الأظهر في الشرح والروضة. والتقييد بالعتق قد يوهم عدم تصديقه فيما عداه كالبيع والهبة لأجل ما يتخيل من قوة العتق، وليس مرادا بل سائر التصرفات المزيلة للملك كذلك كما ذكراه قبيل الصداق. ثم شرع في النوع الثاني، فقال: (و) أن (يلتقط غير الحيوان) وهو الجماد، سواء أكان مالا كالنقود والثياب أم غير مال كجلد ميتة لم يدبغ وخمر محترمة للاختصاص أو الحفظ. (فإن كان) مما (يسرع فساده كهريسة) وعنب لا يتزبب ورطب لا يتتمر تخير آخذه بين خصلتين، (فإن شاء باعه) استقلالا إن لم يجد حاكما وبإذنه إن وجده، أخذا مما مر. (وعرفه) أي المبيع بعد بيعه (ليتملك ثمنه) بعد التعريف ولا يعرف الثمن وهذه الخصلة أولى من الخصلة المذكورة في قوله: (وإن شاء تملكه في الحال وأكله) وغرم قيمته سواء أوجده في مفازة أم عمران. (وقيل: إن وجده في عمران وجب البيع) لتيسره أو امتنع الاكل، وهو قياس ما سبق في الشاة من تصحيح منع الاكل، ومنهم من قطع بالأول. وفرق بينه وبين الشاة بأن الطعام قد يفسد قبل أن يظفر بالمشتري فتمس الحاجة إلى أكله، وإذا جوزنا الاكل فأكل وجب التعريف في العمران بعده. وإن كان في الصحراء، قال الإمام: فالظاهر أنه لا يجب، وقد مر الكلام فيه، ولا يجب إفراز القيمة المغرومة من ماله، نعم لا بد من إفرازها عند تملكها لأن ملك الدين لا يصح، قاله القاضي. (وإن أمكن بقاؤه) أي ما يسرع فساده، لكن (بعلاج) فيه (كرطب يتجفف) أي يمكن تجفيفه ولبن يصير أقطا، (فإن كانت الغبطة في بيعه بيع) جميعه بإذن الحاكم إن وجده، وإلا استقلالا كما يؤخذ مما مر. (أو) كانت الغبطة (في تجفيفه وتبرع به الواجد) له أو غيره (جففه) لأنه مال غيره فروعي فيه المصلحة كولي اليتيم. (وإلا بيع بعضه) بقدر ما يساوي التجفيف، (لتجفيف الباقي) طلبا للاحظ. وخالف هذا الحيوان حيث بيع جميعه لأن نفقته تتكرر فيؤدي إلى أن يأكل نفسه.
تنبيه: قوله: الواجد ليس بقيد كما تقرر، وظاهر كلامه أن مراعاة الأغبط واجبة، وكلام الأصحاب مصرح به.
قال الأذرعي: والأقرب أنه لا يستقل بعمل الأغبط في ظنه بل يراجع القاضي، فإن استوى الأمران بيع كما بحثه بعض المتأخرين لما في البيع من قلة الكلفة. (ومن أخذ لقطة للحفظ أبدا) وهو أهل لذلك، (فهي أمانة) في يده، وكذا درها ونسلها لأنه يحفظها لمالكها فأشبه المودع. (فإن دفعها إلى القاضي لزمه القبول) حفظا لها على صاحبها، وكذا من أخذ للتملك ثم بدا له، فإن أراد دفعها إلى الحاكم يلزمه القبول بخلاف الوديعة من غير ضرورة لا يلزمه القبول لقدرة المودع على الرد إلى المالك. (ولم يوجب الأكثرون) من الأصحاب (التعريف والحالة هذه) وهي أخذ اللقطة للحفظ أبدا، لأن الشرع إنما أوجبه لما جعل له التملك بعده. ورجح الإمام والغزالي وغيرهما وجوبه، وهذا هو المعتمد كما صححه