مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٤
ذكر، لأنه قد يكون لخلف أو غيره. (ولو اشترى من يعتق عليه) من أصوله أو فروعه بني الخيار فيه على خلاف الملك، (فإن قلنا الملك في زمن الخيار للبائع) على مرجوح (أو موقوف) على الأظهر، (فلهما الخيار) لوجود المقتضى بلا مانع.
(وإن قلنا) الملك (للمشتري) على مرجوح (تخير البائع دونه) أما تخير البائع فلما مر، وأما عدم تخير المشتري فلان مقتضى ملكه له أن لا يتمكن من إزالة الملك، ولا يحكم بعتقه على كل قول حتى يلزم العقد فيتبين أنه عتق من حين الشراء.
ولو شرط نفي خيار المجلس لم يصح البيع لأنه ينافي مقتضاه، فأشبه ما لو شرط أن لا يسلم المبيع، فإذا قال لعبده مثلا: إذا بعتك فأنت حر فباعه بشرط نفي خيار المجلس لم يعتق لعدم صحة البيع، بخلاف ما إذا لم يشرطه فإنه يعتق لأن عتق البائع في زمن الخيار نافذ.
(ولا خيار في الابراء والنكاح والهبة بلا ثواب) وهي التي صرح بنفي الثواب عنها أو أطلق، وقلنا لا يقتضيه وهو الراجح، لأن اسم البيع لا يصدق على شئ من هذه الثلاثة. ولا خيار أيضا في الوقف والعتق والطلاق، وكذا العقود الجائزة من الطرفين كالقراض والشركة والوكالة أو من أحدهما كالكتابة والرهن. (وكذا) الهبة (ذات الثواب) لا يثبت الخيار فيها في الأصح. وعللاه بأنها لا تسمى بيعا، كذا قالاه هنا، وقالا في باب الهبة: الأصح أنها بيع فيثبت فيها الخيار. وعده في المهمات تناقضا، وحمل بعضهم ما هنا على القول بأنها هبة وإن قيدت بثواب معلوم، وما هنا على القول بأن المقيدة بثواب معلوم بيع. ويؤيده تعليلهم هنا بأنها لا تسمى بيعا، والصواب كما قال الأذرعي ما هناك وهو مقابل الأصح هنا، فقد جزم به القاضي أبو الطيب و المحاملي والشيخ أبو حامد وغيرهم. (و) كذا (الشفعة) لا يثبت فيها الخيار في الأصح، لأن الخيار يثبت فيما ملك بالاختيار فلا معنى لاثباته فيما أخذ بالقهر والاجبار، ومقابل الأصح ثبوته لأن الاخذ بها ملحق بالمعاوضات بدليل الرد بالعيب. وصحح هذا الرافعي في الشرحين واستدرك عليه في الروضة وصحح الأول ونقله عن الأكثرين.
(و) كذا (الإجارة) لا يثبت فيها الخيار في الأصح، لأنها عقد غرر إذ هو عقد على معدوم، والخيار غرر، فلا يضم غرر إلى غرر. ومقابل الأصح يثبت فيها الخيار لأنها معاوضة. قال القفال وطائفة: ومحل الخلا ف في إجارة العين، أما إجارة الذمة فيثبت فيها الخيار قطعا كالسلم، والمعتمد الاطلاق، ويفرق بينها وبين السلم بأنها لا تسمى بيعا. والمعتمد في الخيار اسم البيع وبأن المنفعة فيه أقوى. وقيل: يثبت أيضا في الإجارة المقدرة بمدة، وصححه المصنف في تصحيح التنبيه، والمشهور خلافه.
(و) كذا (المساقاة) لا يثبت فيها الخيار في الأصح كالإجارة حكما وتعليلا. (و) كذا (الصداق) لا يثبت فيه الخيار.
وقوله: (في الأصح) راجع للمسائل الخمس كما تقرر، ووجه عدم إثباته في الصداق أن المال تبع في النكاح لا مقصود، ووجه إثباته أنه مستقل. ومثل الصداق عوض الخلع. (وينقطع) خيار المجلس (بالتخاير) من العاقدين، (بأن يختارا لزومه) أي العقد بهذا اللفظ، كقولهما: تخايرنا أو اخترنا، أو غيره كقولهما: أمضينا العقد أو ألزمناه أو أجزناه أو أبطلنا الخيار أو أفسدناه لأنه حقهما فيسقط بإسقاطهما كخيار الشرط. (فلو اختار أحدهما) لزومه (سقط حقه) من الخيار (وبقي) الحق فيه (للآخر) كخيار الشرط، وقيل: لا يبقى لأن خيار المجلس لا يتبعض في الثبوت ولا يتبعض في السقوط.
لكن على الأول لو كان المبيع ممن يعتق على المشتري واختار البائع سقط خيار المشتري أيضا للحكم بعتق المبيع، قاله شيخنا في شرح بهجته. ولو قال أحدهما لصاحبه اختر سقط خيار القائل ولو لم يختر صاحبه لتضمنه الرضا باللزوم. واحترز المصنف باختيار أحدهما اللزوم عن اختياره الفسخ فإنه ينفسخ العقد وإن اختار الآخر اللزوم، لأن إثبات الخيار إنما قصد به التمكن من الفسخ دون الإجازة لأصالتها وتبايعهما في العوضين ولو ربويين بعد قبضهما بيعا ثانيا إجازة للأول، لأنه رضي بلزومه، ويصح الثاني ويثبت فيه الخيار. ولو أجاز في الربوي قبل التقابض بطل وإن تقابضا قبل التفرق على
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429