مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٦
به الناس لأنهم يتسامحون فيه. قال الأسنوي: والمتجه إلحاق الراهن والمرتهن به، ورده الزركشي بأن الحق لهما لا يعدوهما فيجوز بغير ذلك بخلاف العدل. ورد عليه بأن الكلام في كل منهما منفردا. نعم محله في بيع الراهن كما قاله الزركشي فيما إذا نقص عن الدين، فإن لم ينقص عنه كما لو كان المرهون يساوي مائة والدين عشرة فباعه بإذن المرتهن بالعشرة صح، إذ لا ضرر على المرتهن في ذلك. ولو قال الراهن للعدل: لا تبعه إلا بالدراهم وقال المرتهن: لا تبعه إلا بالدنانير لم يبع بواحد منهما لاختلافهما في الاذن، كذا أطلقه الشيخان، ومحله كما قال الزركشي: إذا كان للمرتهن فيه غرض، وإلا كأن كان حقه دراهم ونقد البلد دراهم وقال الراهن بعه بالدراهم المرتهن بالدنانير فلا يراعى خلافه ويباع بالدراهم كما قطع به القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما. وإذا امتنع على العدل البيع بواحد منهما باعه الحاكم بنقد البلد وأخذ به حق المرتهن إن لم يكن من نقد البلد، أو باع بجنس الدين وإن لم يكن من نقد البلد إن رأى ذلك. (فإن زاد) في الثمن (راغب) يوثق به زيادة لا يتغابن الناس بمثلها بعد لزوم البيع لم تؤثر، ولكن يستحب أن يستقبل المشتري ليبيعه بالزيادة للراغب أو للمشتري إن شاء أو زاد الراغب. (قبل انقضاء الخيار) للمجلس أو الشرط، (فليفسخ) أي العدل البيع، (وليبعه) له أو للمشتري إن شاء. ولو باعه ابتداء من غير فسخ صح وكان البيع فسخا، وهو أولى، لأنه قد يفسخ فيرجع الراغب.
فلو لم يفعل ما ذكر انفسخ لأن زمن الخيار كحالة العقد وهو يمتنع عليه أن يبيعه بمثل الثمن وهناك راغب بزيادة، فلو رجع الراغب عن الزيادة فإن كان قبل التمكين من بيعه فالبيع الأول بحاله، وإلا بطل واستؤنف من غير افتقار إلى إذن جديد إن كان الخيار لهما أو للبائع لعدم انتقال الملك، وإلا فلا بد من إذن جديد. (ومؤنة المرهون) من نفقة رقيق وكسوته وعلف دابة وأجرة سقي أشجار وجداد ثمار وتجفيفها ورد آبق ونحو ذلك، (على الراهن) المالك بالاجماع، إلا ما روي عن الحسن البصري أنها على المرتهن. (ويجبر عليها لحق المرتهن على الصحيح) حفظا للوثيقة. والثاني: لا يجبر عند الامتناع ولكن يبيع القاضي جزءا منه فيها بحسب الحاجة إلا أن تستغرق المؤنة الرهن قبل الاجل فيباع ويجعل ثمنه رهنا. وعلى الأول لو غاب المالك أو أعسر فكهرب الجمال، وسيأتي في الإجارة.
تنبيه: قال الأسنوي: قوله ويجبر عليها إلخ حشو لا حاجة إليه، بل يوهم أن الايجاب متفق عليه، فلو حذفه كان أصوب، نعم لو حذف الواو من قوله ويجبر زال الابهام خاصة اه‍. وهذا ممنوع، إذ كلام الروضة صريح في أن الخلاف في الاجبار وعدمه فقط، وقد مر أن كون المؤنة على المالك مجمع عليه إلا ما حكي عن الحسن البصري. فإن قيل: يستثنى من كلامهم المؤن المتعلقة بالمداواة كالفصد والحجامة وتوديج الدابة، وهو بمنزلة الفصد في الآدميين، والمعالجة بالأدوية فلا تجب عليه. أجيب بأن هذه لا تسمى مؤنة فلم يتناولها كلامهم، ولهذا ذكرها المصنف عقب ذلك بقوله: (ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون كفصد وحجامة) ومعالجة بالأدوية والمراهم حفظا لملكه، فدل ذلك على عدم دخولها فيما تقدم. (وله) ختان الرقيق إن لم يخف منه وكأن يندمل قبل الحلول، سواء في ذلك الصغير والكبير كما أطلقه الجمهور، لأنه لا بد منه، والغالب فيه السلامة. وله قطع السلعة واليد المتأكلة والمداواة إذا غلبت السلامة وإلا امتنع عليه ذلك. وله نقل المزدحم من النخل إذا قال أهل الخبرة نقلها أنفع، وقطع البعض منها لاصلاح الأكثر، والمقطوع منها مرهون بحاله، وما يحدث من سعف وجريد وليف غير مرهون، وكذا ما كان ظاهرا منها عند العقد كالصوف بظهر الغنم. وله رعي الماشية في الامن نهارا ويردها إلى المرتهن أو العدل ليلا، وله أن ينتجع بها إلى الكلأ ونحوه لعدم الكفاية في مكانها ويردها إلى عدل يتفقان عليه أو ينصبه الحاكم، ويجوز للمرتهن الانتجاع بها للضرورة كما يجوز له نقل المتاع من بيع غير محرز إلى محرز، فإن انتجعا إلى مكان واحد فذاك، أو إلى مكانين فلتكن مع الراهن، ويتفقان على عدل يبيت عنده أو ينصبه الحاكم كما مر. (وهو) أي المرهون، (أمانة في يد المرتهن) لخبر: الرهن
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429