خاصية التولية التنزيل على الثمن الأول. وشمل كلامه حط البائع ووارثه ووكيله، فإن كان ا لحط للبعض قبل التولية لم تصح التولية إلا بالباقي. ولو حط عنه الكل قبل التولية ولو بعد اللزوم أو بعدها وقبل لزومها لم تصح لأنها حينئذ بيع بلا ثمن ، أو بعدها وبعد لزومها صحت وانحط الثمن عن المتولي، لأنها وإن كانت بيعا جديدا فخاصيتها التنزيل على ما استقر عليه الثمن الأول، فهي في حق الثمن كالبناء وفي حق نقل الملك كالابتداء حتى تتجدد فيه الشفعة كما مر. ولو كذب المولي في اخباره بالثمن فكالكذب فيه في المرابحة وسيأتي. قال ابن الرفعة: وظاهر كلامهم أنه لا فرق في التولية بين كون الثمن حالا وكونه مؤجلا وفيما إذا كان الثمن مؤجلا ووقعت بعد الحلول نظر، فيجوز أن يقال: يكون الاجل في حق الثاني من وقتها، وأن يقال:
يكون من حين العقد الأول فيلزمه الثمن حالا. والأول أشبه، لأن الاجل من صفات الثمن، وقد شرطوا المثلية في الصفة.
ثم شرع في النوع الثاني فقال: (والاشراك في بعضه) أي المشتري، (كالتولية في كله) في جميع ما مر من الشروط والأحكام، لأن الاشراك تولية في بعض المبيع. (إن بين البعض) بأن صرح بالمناصفة أو غيرها من الكسور لتعيينه، فلو قال: أشركتك في النصف كان له الربع بربع الثمن، إلا أن يقول بنصف الثمن فيتعين النصف كما صرح به المصنف في نكته لمقابلته بنصف الثمن، إذ لا يمكن أن يكون شريكا بالربع بنصف الثمن لأن جملة المبيع مقابلة بالثمن فنصفه بنصفه.
تنبيه: اعترض على المصنف في إدخاله الألف واللام على بعض، وحكي منعه عن الجمهور، فإن ذكر بعضا ولم يبينه لم يصح للجهل. (ولو أطلق) الاشراك (صح) أيضا (وكان) المشتري بينهما (مناصفة) كما لو أقر بشئ لزيد وعمرو، (وقيل لا) يصح للجهل بقدر المبيع وثمنه.
فرع: للشريك الرد بعيب على الذي أشركه، فإذا رد عليه رد هو على الأول. وقضية كلام الأكثرين أنه لا يشترط ذكر العقد، وقال الامام وغيره: يشترط ذكره بأن يقول أشركتك في بيع هذا أو في هذا العقد، ولا يكفي أشركتك في هذا، وهذا ظاهر كما نقله صاحب الأنوار وأقره، وعليه أشركتك في هذا كناية. ثم شرع في النوع الثالث فقال: (ويصح بيع المرابحة) من غير كراهة لعموم قوله تعالى: * (وأحل الله البيع) *. (بأن يشتريه) شيئا (بمائة) مثلا، (ثم يقول) لغيره وهما عالمان بذلك: (بعتك) بمائتين أو (بما اشتريت) أي بمثله أو برأس المال أو بما قام على أو نحو ذلك. (وربح درهم لكل عشرة) أو في أو على كل عشرة. (أو ربح ده يازده) لأن الثمن معلوم فكان كبعتك بمائة وعشرة. وروي عن ابن مسعود أنه كان لا يرى بأسا بأزده وده دوازده. وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان ينهى عن ذلك، وعن عكرمة أنه حرام، وعن إسحاق أن البيع يبطل به حمل على ما إذا لم يبين الثمن. وده بالفارسية عشرة، ويازده أحد عشر، أي:
كل عشرة ربحها درهم، وده دوازده كل عشرة ربحها درهمان، فلو كان الثمن دراهم معينة غير موزونة أو حنطة مثلا معينة غير مكيلة لم يصح البيع مرابحة.
فرع: له أن يضم إلى الثمن شيئا ويبيعه مرابحة كأن يقول: اشتريت بمائة وبعتك بمائتين وربح درهم لكل عشرة أو ربح ده يازده، وكأنه قال: بعتكه بمائتين وعشرين. ويجوز أن يكون الربح من غير جنس الثمن، قيل لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: ما سبب كثرة مالك؟ قال: ما كتمت عيبا ولا رددت ربحا. ثم شرع في النوع الرابع الذي لم يترجم له فقال: (و) يصح بيع (المحاطة) ويقال لها المواضعة والمخاسرة، (كبعتكه) أي كقول من ذكر لغيره وهما عالمان بالثمن بعتكه. (بما اشتريت) أي بمثله أو برأس المال أو بما قام علي أو نحو ذلك. (وحط ده يازده) أو وحط درهم لكل عشرة أو في أو على كل عشرة فيقبل، (ويحط من كل أحد عشر واحد) كما أن الربح في مرابحة ذلك واحد من أحد عشر، فلو اشتراه بمائة فالثمن تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم، أو بمائة وعشرة فالثمن مائة.