البائع إن لم يعترف بقبضه) من المشتري، وعليه عهدة الشقص لتلقي الملك منه وكأن الشفيع هو المشتري. فلو امتنع من قبضه من الشفيع كان له مطالبة المشتري به في أحد وجهين رجحه شيخنا، وهو الظاهر، لأن ماله قد يكون أبعد عن الشبهة. فإن حلف المشتري فلا شئ عليه، فإن نكل حلف البائع وأخذ الثمن منه وكانت عهدته عليه. (وإن اعترف) البائع بقبضه (فهل يترك) الثمن (في يد الشفيع أم يأخذه القاضي ويحفظه) فإنه مال ضائع؟ (فيه خلاف سبق في الاقرار نظيره) في قول المتن هناك: إذا كذب المقر له المقر ترك المال في يده في الأصح. فصرح هناك بالأصح وصرح هنا بذكر المقابل له أيضا، فالمراد سبق أصل الخلاف لا أن الوجوه كلها سبقت في الاقرار.
تنبيه: قوله: في يد الشفيع كان الأولى أن يقول في ذمته فإنه لا يتعين إلا بالقبض وهو لم يقبض. وتسمح المصنف في استعمال أم بعد هل، وإلا فالأصل أن أم تكون بعد الهمزة، وأو بعد هل. ولو ادعى المشتري شراء الشقص وهو في يده والبائع غائب للشفيع أخذه على الأصح كما في الروضة وأصلها خلافا لما صححه المصنف في نكت التنبيه، ويكتب القاضي في السجل أنه أخذه بالتصادق ليكون الغائب على حجته. ولو قال المشتري اشتريته لغيري نظر إن كان المقر له حاضرا ووافق على ذلك انتقلت الخصومة إليه، وإن أنكر أو كان غائبا أو مجهولا أخذ الشفيع الشقص بلا ثمن لئلا يؤدي إلى سد باب الشفعة، وإن كان طفلا معينا، فإن كان عليه للمقر ولاية فكذلك وإلا انقطعت الخصومة عنه. هذا كله فيما إذا استحق الشفعة واحد، أما لو استحقها جمع فحكمه ما ذكره المصنف بقوله: (ولو استحق) بالملك (الشفعة جمع) من الشركاء (أخذوا) بها في الأظهر (على قدر الحصص) من الملك، لأنه حق مستحق بالملك فقسط على قدره كالأجرة والثمرة، فلو كانت الأرض بين ثلاثة لواحد نصفها، ولآخر سدسها فباع الأول حصته أخذ الثاني سهمين والثالث سهما. (وفي قول) أخذوا (على) قدر (الرؤوس) التي للشركاء، فيقسم النصف في المثال المذكور بين الشريكين سواء، لأن سبب الشفعة أصل الشركة. واختار هذا جمع من المتأخرين، بل قال الأسنوي: إن الأول خلاف مذهب الشافعي. ولو مات مالك أرض عن ابنين ثم مات أحدهما عن ابنين فباع أحدهما نصيبه ثبتت الشفعة للعم والأخ لاشتراكهما في الملك، والنظر في الشفعة إلى ملك الشريك لا إلى سبب ملكه، لأن الضرر المحوج إلى إثباتها لا يختلف.
وكذا الحكم في كل شريكين ملكا بسبب وغيرهما من الشركاء ملك بسبب آخر فباع أحدهما نصيبه، مثاله: بينهما دار فباع أحدهما نصيبه أو وهبه لرجلين ثم باع أحدهما نصيبه، فالشفعة بين الأول والثاني لما مر. وإن مات شخص عن بنتين وأختين وخلف دارا فباعت إحداهن نصيبها شفع الباقيات كلهن لا أختها فقط. (ولو باع أحد الشريكين) في عقار مناصفة (نصف حصته لرجل) مثلا، (ثم) قبل أخذ الشريك الأول بالشفعة والعفو عنها باع (باقيها لآخر، فالشفعة في النصف الأول للشريك القديم) لأنه ليس معه في حال البيع شريك إلا البائع لا يأخذ بالشفعة ما باعه. (والأصح أنه إن عفا) الشريك القديم (عن النصف الأول) بعد البيع الثاني (شاركه المشتري الأول في النصف الثاني) لأن ملكه قد سبق البيع الثاني واستقر بعفو الشريك القديم عنه فيستحق مشاركته. (وإلا) بأن لم يعف الشريك القديم عن النصف الذي اشتراه بل أخذه منه، (فلا) يشارك الأول القديم لزوال ملكه. والوجه الثاني: يشاركه مطلقا، لأنه الشريك حالة الشراء. والثالث: لا يشاركه مطلقا، لأن الشريك القديم تسلط على ملكه فكيف يزاحمه.
تنبيه: أشار المصنف ب ثم إلى أن صورة المسألة أن يقع البيعان على الترتيب، فإن وقعا معا فمعلوم أن الشفعة فيهما معا للأول خاصة. وعلم بما تقرر من أن العفو بعد البيع الثاني أنه لو عفا قبله اشتركا فيه قطعا أو أخذ قبله انتفت