مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٥
البائع إن لم يعترف بقبضه) من المشتري، وعليه عهدة الشقص لتلقي الملك منه وكأن الشفيع هو المشتري. فلو امتنع من قبضه من الشفيع كان له مطالبة المشتري به في أحد وجهين رجحه شيخنا، وهو الظاهر، لأن ماله قد يكون أبعد عن الشبهة. فإن حلف المشتري فلا شئ عليه، فإن نكل حلف البائع وأخذ الثمن منه وكانت عهدته عليه. (وإن اعترف) البائع بقبضه (فهل يترك) الثمن (في يد الشفيع أم يأخذه القاضي ويحفظه) فإنه مال ضائع؟ (فيه خلاف سبق في الاقرار نظيره) في قول المتن هناك: إذا كذب المقر له المقر ترك المال في يده في الأصح. فصرح هناك بالأصح وصرح هنا بذكر المقابل له أيضا، فالمراد سبق أصل الخلاف لا أن الوجوه كلها سبقت في الاقرار.
تنبيه: قوله: في يد الشفيع كان الأولى أن يقول في ذمته فإنه لا يتعين إلا بالقبض وهو لم يقبض. وتسمح المصنف في استعمال أم بعد هل، وإلا فالأصل أن أم تكون بعد الهمزة، وأو بعد هل. ولو ادعى المشتري شراء الشقص وهو في يده والبائع غائب للشفيع أخذه على الأصح كما في الروضة وأصلها خلافا لما صححه المصنف في نكت التنبيه، ويكتب القاضي في السجل أنه أخذه بالتصادق ليكون الغائب على حجته. ولو قال المشتري اشتريته لغيري نظر إن كان المقر له حاضرا ووافق على ذلك انتقلت الخصومة إليه، وإن أنكر أو كان غائبا أو مجهولا أخذ الشفيع الشقص بلا ثمن لئلا يؤدي إلى سد باب الشفعة، وإن كان طفلا معينا، فإن كان عليه للمقر ولاية فكذلك وإلا انقطعت الخصومة عنه. هذا كله فيما إذا استحق الشفعة واحد، أما لو استحقها جمع فحكمه ما ذكره المصنف بقوله: (ولو استحق) بالملك (الشفعة جمع) من الشركاء (أخذوا) بها في الأظهر (على قدر الحصص) من الملك، لأنه حق مستحق بالملك فقسط على قدره كالأجرة والثمرة، فلو كانت الأرض بين ثلاثة لواحد نصفها، ولآخر سدسها فباع الأول حصته أخذ الثاني سهمين والثالث سهما. (وفي قول) أخذوا (على) قدر (الرؤوس) التي للشركاء، فيقسم النصف في المثال المذكور بين الشريكين سواء، لأن سبب الشفعة أصل الشركة. واختار هذا جمع من المتأخرين، بل قال الأسنوي: إن الأول خلاف مذهب الشافعي. ولو مات مالك أرض عن ابنين ثم مات أحدهما عن ابنين فباع أحدهما نصيبه ثبتت الشفعة للعم والأخ لاشتراكهما في الملك، والنظر في الشفعة إلى ملك الشريك لا إلى سبب ملكه، لأن الضرر المحوج إلى إثباتها لا يختلف.
وكذا الحكم في كل شريكين ملكا بسبب وغيرهما من الشركاء ملك بسبب آخر فباع أحدهما نصيبه، مثاله: بينهما دار فباع أحدهما نصيبه أو وهبه لرجلين ثم باع أحدهما نصيبه، فالشفعة بين الأول والثاني لما مر. وإن مات شخص عن بنتين وأختين وخلف دارا فباعت إحداهن نصيبها شفع الباقيات كلهن لا أختها فقط. (ولو باع أحد الشريكين) في عقار مناصفة (نصف حصته لرجل) مثلا، (ثم) قبل أخذ الشريك الأول بالشفعة والعفو عنها باع (باقيها لآخر، فالشفعة في النصف الأول للشريك القديم) لأنه ليس معه في حال البيع شريك إلا البائع لا يأخذ بالشفعة ما باعه. (والأصح أنه إن عفا) الشريك القديم (عن النصف الأول) بعد البيع الثاني (شاركه المشتري الأول في النصف الثاني) لأن ملكه قد سبق البيع الثاني واستقر بعفو الشريك القديم عنه فيستحق مشاركته. (وإلا) بأن لم يعف الشريك القديم عن النصف الذي اشتراه بل أخذه منه، (فلا) يشارك الأول القديم لزوال ملكه. والوجه الثاني: يشاركه مطلقا، لأنه الشريك حالة الشراء. والثالث: لا يشاركه مطلقا، لأن الشريك القديم تسلط على ملكه فكيف يزاحمه.
تنبيه: أشار المصنف ب‍ ثم إلى أن صورة المسألة أن يقع البيعان على الترتيب، فإن وقعا معا فمعلوم أن الشفعة فيهما معا للأول خاصة. وعلم بما تقرر من أن العفو بعد البيع الثاني أنه لو عفا قبله اشتركا فيه قطعا أو أخذ قبله انتفت
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429