قطعا. (والأصح أنه لو عفا أحد شفيعين سقط حقه) من الشفعة كسائر الحقوق المالية، (وتخير الآخر بين أخذ الجميع وتركه) كالمنفرد، (وليس له الاقتصار على حصته) لئلا تتبعض الصفقة على المشتري. والثاني: يسقط حق العافي وغيره كالقصاص. وأجاب الأول بأن القصاص يستحيل تبعيضه وينتقل إلى بدله.
تنبيه: قوله: وتخير الآخر إلخ في حيز الأصح كما تقرر، فلو قال: وأن الآخر يخير كان أصرح في إفادة الخلاف.
وما ذكره في شفعة ثبتت لعدد ابتداء، فلو كان لشقص شفيعان فمات كل عن ابنين ثم عفا أحدهم سقط حقه وانتقل للثلاثة فيأخذون الشقص أثلاثا. (و) الأصح (أن) الشفيع (الواحد إذا أسقط بعض حقه سقط كله) كالقصاص.
والثاني: لا يسقط منه شئ، كعفوه عن بعض حد القذف. والثالث: يسقط ما أسقطه ويبقى الباقي، لأنه حق مالي يقبل الانقسام.
(ولو حضر أحد شفيعين) وغاب الآخر، (فله) أي الحاضر (أخذ الجميع في الحال) لا الاقتصار على حصته لئلا تتبعض الصفقة على المشتري لو لم يأخذ الغائب، إذ يحتمل أنه زال ملكه بوقف أو غيره أو لا رغبة له في الاخذ. فلو رضي المشتري بأن يأخذ الحاضر حصته فقط، قال السبكي: فالذي يتجه أن يكون كما لو أراد الشفيع الواحد أن يأخذ بعض حقه، والأصح منعه. (فإذا) أخذ الحاضر الجميع ثم (حضر الغائب شاركه) فيه، لأن حقه ثابت فحضوره الآن كحضوره من قبل، وما استوفاه الحاضر من المنافع والثمرة والأجرة لا يشاركه فيه الغائب كما أن الشفيع لا يشارك المشتري فيه. (والأصح أن له تأخير الاخذ إلى قدوم الغائب) وإن كان الاخذ بالشفعة على الفور لعذره، لأن له غرضا ظاهرا في أنه لا يأخذ ما يؤخذ منه، ولأنه قد لا يقدر إلا على أخذ البعض الآن. والثاني: لا، لتمكنه من الاخذ. ولو استحق الشفعة ثلاثة كأن كانت دار لأربعة بالسواء فباع أحدهم نصيبه واستحقها الباقون فحضر أحدهم أخذ الكل أو ترك أو أخر لحضورهما كما مر. فإن أخذ الكل وحضر الثاني ناصفه بنصف الثمن كما لو لم يكن إلا شفيعان. وإذا حضر الثالث أخذ من كل ثلث ما في يده لأنه قدر حصته، ولو أراد أخذ ثلث ما في يد أحدهما فقط جاز كما لو يجوز للشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين فقط. واعلم أن للثاني أخذ الثلث من الأول لأنه لا يفوت الحق عليه إذ الحق ثبت لهم أثلاثا، فإن حضر الثالث وأخذ نصف ما في يد الأول أو ثلث ما في يد كل من الأول والثاني وكان الثاني في الثانية قد أخذ من الأول النصف استووا في المأخوذ، أو أخذ الثالث ثلث الثلث الذي في يد الثاني فله ضمه إلى ما في يد الأول ويقتسمانه بالسوية بينهما فتصح قسمة الشقص من ثمانية عشر، فإنه يأخذ ثلث الثلث وهو واحد من تسعة يضمه إلى ستة منها فلا تصح على اثنين فتضرب اثنين في تسعة فللثاني منها اثنان في المضروب فيها بأربعة يبقى أربعة عشر بين الأول والثالث لكل منهما سبعة، وإذا كان ربع الدار ثمانية عشر فجملتها اثنان وسبعون، وإنما كان للثالث أخذ ثلث الثلث من الثاني لأنه يقول ما من جزء إلا ولي منه ثلثه.
ولو استحق الشفعة حاضر وغائب فعفا الحاضر ثم مات الغائب فورثه الحاضر أخذ الكل بالشفعة وإن كان قد عفا أولا، لأنه الآن يأخذ بحق الإرث.
تنبيه: إنما يضر تفريق الصفقة في شقص العقد الواحد، فإن تعدد العقد بتعدد المشتري أو البائع لم يضر، وقد أشار إلى الأول بقوله: (ولو اشتريا) أي اثنان (شقصا) من واحد، (فللشفيع أخذ نصيبهما ونصيب أحدهما) فقط، إذ لا تفريق عليه. (ولو اشترى واحد من اثنين فله) أي الشفيع (أخذ حصة أحد البائعين في الأصح) لتعدد الصفقة بتعدد البائع، فصار كما لو ملكه بعقدين. والثاني: لا، لأن المشتري ملك الجميع فلا يفرق ملكه عليه. ولو باع شقصين