ولا كذلك حق الشفيع. (ويتخير) الشفيع (فيما فيه شفعة كبيع) وإصداق (بين أن يأخذ). (بالبيع الثاني) أو الاصداق، (أو ينقضه أو يأخذ). (بالأول) لما مر. وفائدته أن الثمن في الأول قد يكون أقل أو الجنس فيه أسهل. وليس المراد بالنقض الفسخ، ثم الاخذ بالشفعة بل الاخذ بها وإن لم يتقدمه لفظ فسخ قبله كما استنبطه في المطلب من كلامهم خلافا لما يقتضيه كلام أصل الروضة. فإن قيل: تصرف الأب فيما وهب لولده لا يكون رجوعا فلا يكفي فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الأب هو الواهب فلا بد أن يرجع عن تصرفه بخلاف الشفيع.
تنبيه: لو عبر بالابطال أو الفسخ كان أولى، فإن النقض رفع الشئ من أصله كما مرت الإشارة إليه في باب أسباب الحدث.
فرع: لو بنى المشتري أو غرس أو زرع في المشفوع ولم يعلم الشفيع بذلك ثم علم قلع ذلك مجانا لعدوان المشتري، نعم إن بنى أو غرس في نصيبه بعد القسمة ثم أخذ بالشفعة لم يقلع مجانا. فإن قيل: القسمة تتضمن غالبا رضا الشفيع بتملك المشتري. أجيب بأن ذلك يتصور بصور: منها أن يظهر المشتري أنه هبة ثم تبين أنه اشتراه أو أنه اشتراه بثمن كثير ثم ظهر أنه بأقل، أو يظن الشفيع أن المشتري وكيل للبائع، ولبناء المشتري وغراسه حينئذ حكم بناء المستعير وغراسه، إلا أن المشتري لا يكلف تسوية الأرض إذا اختار القلع لأنه كان متصرفا في ملكه، فإن حدث في الأرض نقص فيأخذه الشفيع على صفته أو يترك ويبقى زرعه إلى أوان الحصاد بلا أجرة، وللشفيع تأخير الاخذ بالشفعة إلى أوان الحصاد، لأنه لا ينتفع به قبله. وفي جواز التأخير إلى أوان جداد الثمرة فيما إذا كان في الشقص شجر عليه ثمرة لا تستحق بالشفعة؟
وجهان، أوجههما لا، والفرق أن الثمرة لا تمنع من الانتفاع بالمأخوذ بخلاف الزرع. ولو ادعى المشتري إحداث بناء وادعى الشفيع أنه قديم صدق المشتري كما في الشامل وإن توقف فيه في المطلب، ولو اختلف المشتري والشفيع في قدر الثمن الذي اشترى به الشقص أو قيمته إن تلف ولا بينة (صدق المشتري) بيمينه لأنه أعلم بما باشره من الشفيع، وينبغي كما قال الزركشي أن محل ذلك إذا لم يدع ما يكذبه الحس، كما لو ادعى أن الثمن ألف دينار وهو يساوي دينارا لم يصدق، فإن نكل المشتري حلف الشفيع وأخذ بما حلف عليه، فإن كان لأحدهما بينة قضي له، فإن أقاما بينتين تعارضتا على الأصح وإنما لم يتحالفا كالمتبايعين، لأن كلا من المتبايعين مدع ومباشر للعقد، وههنا المشتري لا يدعي والشفيع لم يباشر. وإن اختلف المشتري والبائع في قدر الثمن لزم الشفيع ما ادعاه المشتري وإن ثبت ما ادعاه البائع لاعتراف المشتري بأن البيع جرى بذلك والبائع ظالم بالزيادة، وتقبل شهادة الشفيع للبائع لعدم التهمة دون المشتري لأنه متهم في تقليل الثمن. ولو فسخ البيع بالتحالف أو نحوه بعد الاخذ بالشفعة أقرت الشفعة وسلم المشتري قيمة الشقص للبائع، أو تحالفا قبل الاخذ أخذ بما حلف عليه البائع لأن البائع اعترف باستحقاق الشفيع الآخذ بذلك الثمن فيأخذ حقه منه وعهدة المبيع على البائع لتلقي الملك منه. (وكذا) يصدق المشتري بيمينه (لو أنكر الشراء) للشقص، بأن قال: لم أشتره سواء أقال معه ورثته أو اتهبته أم لا. أو أنكر (كون الطالب) للشقص (شريكا) أو كون ملكه مقدما على ملكه، فإنه يصدق أيضا بيمينه، لأن الأصل عدم ذلك. ويحلف على حسب جوابه في الأولى وعلى نفي العلم في الأخيرتين، فإن نكل حلف الطالب على البت واستحق الشفعة. (فإن اعترف الشريك) القديم، وهو البائع، (بالبيع) للمشتري المنكر للشراء والمشفوع بيده أو بيد المشتري. وقال إنه وديعة له أو عارية أو نحو ذلك، (فالأصح ثبوت الشفعة) لطالب الشقص، لأن إقراره يتضمن إثبات حق المشتري وحق الشفيع، فلا يبطل حق الشفيع بإنكار المشتري كما لا يبطل حق المشتري بإنكار الشفيع. والثاني: لا تثبت، لأن الشفيع يأخذه من المشتري، فإذا لم يثبت الشراء لم يثبت ما يتفرع عليه. (ويسلم الثمن إلى