كبيع لبن بشاة، فإن كان في الدجاجة بيض والبيض المبيع بيض دجاجة لم يصح، وإلا صح. وبيع دجاجة فيها بيض بدجاجة كذلك باطل كبيع ذات لبن بمثلها.
باب: في البيوع المنهي عنها وغيرها.
والبيوع المنهي عنها قسمان: فاسد لاختلال ركن أو شرط وهو المصدر به، وغير فاسد لكون النهي ليس لخصوصيته بل لأمر آخر كما سيأتي، وتعاطي المعقود الفاسد حرام في الربوي وغيره إلا في مسألة المضطر المعروفة، وهي فيما إذا لم يبعه مالك الطعام إلا بأكثر من ثمن المثل، فله أن يشتريه شراء فاسدا إن أمكن حتى لا يلزمه أكثر منه. ثم شرع في القسم الأول وهو ثمانية مبتدئا بواحد منها، فقال: (نهى رسول الله (ص) عن عسب الفحل) رواه البخاري، (وهو) بفتح العين وسكون السين المهملتين وبالباء الموحدة (ضرابه) وهو بكسر الضاد طروق الفحل للأنثى، قال الرافعي : وهذا هو المشهور في كتب الفقه. (ويقال ماؤه) وصححه الماوردي والروياني، وعليهما لا بد من تقدير في الحديث ليصح النهي لأن نفس العسب وهو الضراب لا يتعلق به النهي لأنه ليس من أفعال المكلفين والإعارة له محبوبة، فيكون التقدير على الأول أجرة عسب الفحل، وعلى الثاني ثمن مائه. (ويقال أجرة ضرابه) ورجحه الخطابي في غريب الحديث، وجزم به صاحب الكافي، أي أنه نهى عن بذل ذلك وأخذه. فإن قيل: على هذا التقدير ما الفرق بين التفسير الأول والثالث؟
أجيب بأن الأجرة على التفسير الأول مقدرة، وعلى الثالث ظاهرة. وهذا كاف في الفرق. (فيحرم ثمن مائه) عملا بالأصل في النهي من التحريم، والبيع باطل لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور التسليم. (وكذا) يحرم (أجرته في الأصح): لما ذكره . ولم تصح إجارته لأن فعل الضراب غير مقدور عليه للمالك بل يتعلق باختيار الفحل، والثاني: يجوز كالاستئجار لتلقيح النخل. وأجاب الأول بأن الأجير قادر على تسليم نفسه وليس عليه عين حتى لو شرط عليه ما يلقح به فسدت الإجارة، وههنا المقصود الماء والمؤجر عاجز عن تسليمه، وعلى الأول لمالك الأنثى أن يعطي مالك الفحل شيئا هدية، وإعارته للضراب محبوبة كما مر. (و) الثاني منها: النهي (عن) بيع (حبل الحبلة) رواه الشيخان، (وهو) بفتح المهملة والموحدة وغلط من سكنها، (نتاج النتاج بأن يبيع نتاج النتاج) هذا تفسير أهل اللغة، ووجه البطلان انتفاء الملك وغيره من شروط البيع. (أو) ببيع شيئا (بثمن إلى نتاج النتاج) وهذا تفسير ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كما ثبت في الصحيحين وهو راوي الحديث.
ووجه البطلان جهالة الاجل.
تنبيه: الحبلة جمع حابل، وقيل: هو مفرد وهاؤه للمبالغة. وفي كلام المصنف تبعا للحديث مجاز من وجهين: الأول إطلاق الحبل على البهائم مع أنه مختص بالآدميات الاتفاق حتى قيل إنه لا يقال لغيرهن إلا في الحديث، وإنما يقال للبهائم الحمل بالميم. والثاني: أنه مصدر، والمراد به اسم المفعول وهو المحبول به. والنتاج بفتح النون على المشهور، وضبطه المصنف بخطه بكسرها وهو الذي يتلفظ به الفقهاء، يقال: نتجت الناقة على ما لم يسم فاعله. (و) الثالث منها: النهي (عن) بيع (الملاقيح) جمع ملقوح، وهو لغة: جنين الناقة خاصة، وشرعا أعم من ذلك كما يؤخذ من قوله: (وهي ما في البطون) من الأجنة. (و) الرابع منها: النهي عن بيع (المضامين) جمع مضمون كمجانين جمع مجنون أو مضمان كمفاتيح جمع مفتاح، (وهي ما في أصلاب الفحول) من الماء. روى النهي عن بيعهما مالك عن سعيد بن المسيب مرسلا والبزاز